الغد
هآرتس
بقلم: عودة بشارات
3/11/2025
 
موجة إدانات ضخمة تكتسح في هذه الأيام الدولة. هذا ببساطة أمر مدهش. رئيس المعارضة، يئير لبيد، كتب في "اكس": "هل هذا نحن، هل هؤلاء يهود– أبناء الشعب الذي عرف المشقات والاضطهاد عبر التاريخ– أو أن هذه مخلوقات من صنع الذكاء الصناعي؟ من هم الذين يحرقون البيوت، ويحرقون الحقول، ويضربون المزارعين، بينما جيشنا، الأكثر أخلاقية في العالم، يحمي المجرمين؟. حتى الشرطة، التي مهمتها الحفاظ على سلامة الجميع، تخون مهمتها. أنا أشعر بالغربة هنا.
 
 
 ليس فقط لبيد. حتى افيغدور ليبرمان، المعروف بمواقفه اليمينية المتشددة، لم يقدر على الصمت: "أنا مع ضم الضفة، ولكن أعمال تخريب الممتلكات التي ترتكب في مناطق يهودا والسامرة هي غريبة عن مواقفي ومبادئي. كرجل يمين واضح أنا أقول بلغة واضحة: هذا ليس نهج الصهيونية". عضو الكنيست بني غانتس قال في "كان 11": "أنا أشعر بالخجل والعار. أين الجيش، أين الشرطة، ليس فقط انهم لا يوقفون المجرمين، بل هم يحمونهم. الجيش الإسرائيلي يفقد العمود الفقري، الذي يمكن تعريفه بكلمتين: الأخلاق اليهودية".
 أحد البارزين في القائمة الطويلة لمن يدينون هو رئيس شاس آريه درعي، الذي قال في درس للتوراة بأنه لا ينام في الليل: "لا تدمر شجرة، هكذا علمتنا التوراة"، قال. "هؤلاء الناس باسم الدين يشعلون النار ويقتلعون أشجار الزيتون، يا للعار!". نفتالي بينيت أيضا أدان، المتصدر في الاستطلاعات، هذه الجرائم وأكد على انه لو كان في السلطة لما حدثت هذه الأمور المشينة. وبالطبع رئيس الدولة اسحق هرتسوغ اعلن بحماسة  بصفته ممثل دولة إسرائيل بأنه يدين بشدة هذه المشاهد المشينة في الضفة الغربية.
 يمكن القول بأن وسائل الإعلام في إسرائيل عبرت عن الصدمة الشديدة. "يقتلعون الأشجار"، صرخ عنوان رئيسي في الصفحة الأولى في "يديعوت أحرونوت"، وتحته نشرت صورة لاشجار زيتون مشتعلة. في نفس الصفحة ظهرت أيضا إشارة لمقال لبن درور يميني. تحت عنوان "عار" كتب يميني من أعماقه "لقد منعت الضحية من الدفاع عن نفسها امام هجوم الزعران، حتى هذا الشعور الفطري لأي كائن حي سلب من الفلسطينيين"، قال. "لطالما ناضلت ضد اللاسامية. لم أتوقع أن يأتي يوم أدين فيه أفعالا مماثلة تصدر عنا".
 القناة 12 أرسلت طواقمها الى مناطق الهجمات على بيوت الفلسطينيين. وقد قامت بإجراء مقابلات مع أصحاب البيوت التي أحرقت، ومع فلاحين قرب حقولهم المحروقة، ومع عائلات تم اطلاق النار على أبنائها وبعضهم قتل من قبل المشاغبين. الدموع نزلت من عيون أحد المراسلين. أيضا زعماء الاحتجاج الكبير لم يصمتوا. "في الوقت الذي نتظاهر فيه هنا من اجل الديمقراطية"، قال مندوب "إخوة في السلاح" في مسيرة جماهيرية في شارع كابلان في تل أبيب. "ونهب للدفاع عن المؤسسات القانونية، غير بعيد عن هنا ترتكب مذابح. واذا لم يكن هناك ديمقراطية ولا يوجد قانون أيضا هنا لن يكون. كرة الثلج وصلت الينا. محظور علينا الصمت".
 كل هذا بالطبع لم يحدث. السياسيون، رجال الجمهور والمراسلون واصلوا الانشغال بشؤونهم. المواطنون الجيدون واصلوا الذهاب إلى المجمعات التجارية وتحدثوا وهم يدينون العالم المنافق الذي يكره إسرائيل. أنا على قناعة بانه لو ان نصف ما وصفته أعلاه حدث – فإن أعمال الزعرنة كانت ستتوقف منذ زمن. الصمت العام هو الذي أعطى الشرعية لمواصلة هذه الزعرنة. هكذا فإن المشاغبين واصلوا أعمال الشغب، وفي إسرائيل الجميلة يواصلون تكرار كلمة "الديمقراطية". ولكن الكتائب القادمة من الأرض الحرام ستقضم أيضا ما بقي من الديمقراطية وحرية التعبير وحق التصويت.
 ملاحظة: أنا متأثر وعيوني تدمع عند مشاهدة نشطاء السلام والعدالة اليهود الذين يأتون لحماية إخوانهم الفلسطينيين في أوقاتهم الصعبة، ويعرضون حياتهم للخطر أيضا. أنا أقدم لهم التحية.