الغد
هآرتس
بقلم: سامي بيرتس
جولة النصر لحكومة نتنياهو في الحرب ضد إيران تشمل تصريحات متغطرسة عن ضمان أمن إسرائيل لأجيال مقبلة، وتحقيق السلام والأمن والازدهار. أداء الجيش الإسرائيلي والموساد وسلاح الجو الأميركي في إيران يظهر مبهرا جدا. ونتائج وتأثيرات هذه الحرب سنراها ونفهمها في السنوات المقبلة.
إن تصفية المشروع النووي في دولة معادية لا يعد شيئا جديدا. بيغن قرر تدمير المفاعل في العراق في 1981، وأولمرت صادق على تدمير المفاعل في سورية في 2007. في الحالتين، الأمر كان يتعلق بحدث واحد وليس حدثا معقدا بني بالتدريج. ببساطة، نحن استيقظنا في الصباح وسمعنا أنه كان هناك مفاعل وأنه لم يعد موجودا. أمام إيران هذا حدث مختلف، لأنه بني خلال عقدين وشمل منشآت كثيرة متفرقة ورافقته حملة طويلة وعدد غير قليل من التهديدات والخطابات والضغوط. نتنياهو قرر تدميره فقط بعد الفشل في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، الذي تسبب بضرر كبير لردع إسرائيل، وسارع الى عزو الإنجاز لنفسه، "مهمة حياتي"، وهو سيلوح به ويضخمه على طول الطريق الى صناديق الاقتراع.
ولكن، من يعلن بأن ضرب إيران يضمن وجود إسرائيل لأجيال مقبلة، وأنه سيؤدي الى الازدهار والسلام والأمن، لا يقول الحقيقة. من أجل تحقيق الأمن الحقيقي، فإنه لا يكفي إبعاد التهديد الإيراني، بل هناك حاجة الى حل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، الذي جبى عشرات آلاف الضحايا وأنزل علينا الكارثة الأكثر في تاريخ الدولة. الإنجاز في إيران هو لنتنياهو، والفشل الفظيع في 7 تشرين الأول (أكتوبر) هو له أيضا. هو كان المشكل الرئيسي لسياسة إسرائيل في العقدين الأخيرين. بالنسبة لمؤيديه، فإن نتنياهو في الساحتين وفر البضاعة: قام بتخريب حل الدولة من خلال تقسيم الساحة الفلسطينية بين حماس والسلطة الفلسطينية. وأضر بالمشروع النووي الإيراني. ولكن بمفاهيم معظم الجمهور في إسرائيل، فإن قراره تمويل حماس واعتبارها ذخرا، جلب علينا كارثة (حتى لو كان درعي يعتقد أن 7 تشرين الأول (أكتوبر) قد أنقذ شعب إسرائيل).
الفجوة بين الإنجازات أمام عدوي إسرائيل القويين؛ إيران وحزب الله، وبين الفشل الذريع أمام حماس في 7 تشرين الأول (اكتوبر)، سيتم التحقيق فيها لسنوات. ولكن التفسير الأساسي واضح، وهو أن إسرائيل ونتنياهو اعتبرا إيران وحزب الله عدوين خالصين، في حين اعتبرا حماس عدوا وذخرا في الوقت نفسه. من جهة، هم يحاربونه، ومن جهة أخرى يمولونه ويسمحون له بالتقوي. الفشل العسكري والاستخباري أمام حماس ينبع، ضمن أمور أخرى، من هذا التشويش الاستراتيجي. عندما تدفع الحكومة قدما وبمباركة بضخ مليارات الدولارات لحماس وتجري معها علاقات مالية مقابل الهدوء، فإن هذا يؤدي الى التشويش والاستخفاف. إذا أردنا فهم كم هذا مربك، فيمكن التقدير كيف كانت تبدو المعركة أمام حزب الله وإيران لو أن إسرائيل كانت تشجع دول الخليج على ضخ عشرات مليارات الدولارات لها من أجل زيادة قوتها.
إن تحييد تهديد إيران في السنوات القريبة المقبلة لا يحل المشكلة الفلسطينية. ومن يقول إنه يوفر الآن الأمن والسلام للأجيال المقبلة، يجب عليه مواجهة النزاع الذي لم يتم حله مع 5.5 مليون فلسطيني، وحسب توقع البروفيسور سيرجيو ديلافرغولا، فإنه خلال أربعة عقود، سيصل عدد السكان بين البحر والنهر الى 30 مليون نسمة، بالتساوي بين اليهود والعرب.
المس بالمشروع النووي الإيراني هو إنجاز حاسم، لكنه يبدو مثل مهمة سهلة أمام حل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني. إن توفير السلام والازدهار مع دول الخليج البعيدة، وحتى مع السعودية، إنجاز مدهش، لكن الواقع اليومي لمواطني إسرائيل يتأثر وسيتأثر على المدى القصير بالأساس بالعلاقات مع الجيران القريبين. هناك يجب أن تكون الجهود الكبيرة المقبلة وصفقة المخطوفين شرطين ضروريين لتحريك علاج النزاع.