الرأي - إيمان النجار -
تأتي الذكرى الـ108 لوعد بلفور المشؤوم، وهي مناسبة مؤلمة للشرعية والعدالة الدولية، في وقت لا تزال فيه المعاناة مستمرة بسبب ازدواجية المعايير، والنتيجة أن الشعب الفلسطيني هو الضحية، في حين لا تزال الشعوب الحرة تبحث عن إجابة مقنعة ومنطقية لسؤال يتردد: هل وعود الأشخاص والمتنفذين ومصالحهم أقوى من قرارات الشرعية الدولية وحق الشعوب في تقرير مصيرها ونيل حريتها؟
لم يكن وعد بلفور وحده السلاح الذي عمّق نزيف الشعب الفلسطيني، بل على مدار أكثر من مئة عام، واصلت قوى الاستعمار إصدار الوعود وتنفيذ الأجندات والاستراتيجيات بعيدًا عن قاعدة الحق العادل والشرعي للشعب الفلسطيني في أرضه ودولته المستقلة.
وفي هذا السياق، بين الأمين العام للجنة الملكية لشؤون القدس عبد الله كنعان أن من محطات هذه الوعود الغادرة المشؤومة: مؤتمر بال 1897، ومخطط الحركة الصهيونية لإنشاء دولة يهودية، ومؤتمر كامبل بنرمان (مؤتمر لندن الاستعماري) 1905–1907، الذي قضى بترسيخ تقسيم البلاد العربية وغرس كيان استيطاني صهيوني فيها، واتفاقية سايكس بيكو 1916، ومؤتمر سان ريمو 1920، وصك الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1922، وغيرها من وعود واتفاقيات الظلم، مرورًا بما نشهده اليوم من انحياز واضح لإسرائيل، ومنها قرار اعتبار القدس عاصمة مزعومة لإسرائيل الصادر عام 2017.
وأوضح كنعان أن هذه الاتفاقيات والوعود كانت تصدر فرديًا وخارج إطار الإجماع أو الشرعية الدولية، بل تعارض جميعها قرارات الشرعية الدولية ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، إلا أنها كانت الغالبة في تقرير مصير الشعب الفلسطيني.
وأشار إلى أن هذه الاتفاقيات والوعود كانت سببا في تفاقم الصراعات وتوسيع دائرة الحروب وضياع قيم العدالة والديمقراطية والتسامح، وتفرد إسرائيل – السلطة القائمة بالاحتلال – في إبادة الشعب الفلسطيني، ومواصلة ممارسات حكومتها اليمينية المتطرفة من القتل والاعتقال والاستيطان واقتحام المقدسات الإسلامية والمسيحية، بالرغم من وعود البعض بأنه الضامن للسلام، الذي اتضح أنه "سلام القوة" كما قالت حكومة اليمين المتطرفة.
وأكد كنعان أن لغة الوعود والمصالح الاستعمارية لم تجلب السلام للمنطقة حتى بعد أكثر من مئة عام على جريمة وعد بلفور، بل خلفت المزيد من الحروب والنزاعات والكراهية والآلام، وأسفرت عن آلاف الشهداء والجرحى وملايين المهجرين ودمار هائل وإبادة في فلسطين المحتلة.
وتبقى الوحدة ورص الصفوف بين أبناء الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية والمجتمع الدولي الحر، وصياغة الجهود الدولية المركزية لدعم القضية الفلسطينية، السبيل لكسر حلقة الوعود الاستعمارية، خصوصا في هذا الوقت الذي يشهد تزايدًا في الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية وحق شعبها في العدالة.