Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Apr-2019

ما الذي قد يعنيه اندلاع قتال على طرابلس لمستقبل ليبيا؟

 الغد-تقدير موقف – (ستراتفور) 8/4/2019

ترجمة: علاء الدين أبو زينة
 
إضاءات
• تعثَّر هجوم شنه الجيش الوطني الليبي على طرابلس عند أطراف العاصمة، وهو ما زاد من خطر تحول الصراع في ليبيا إلى قتال مطوَّل.
• تشكل الميليشيات من طرابلس ومصراته جبهة موحدة ضد الجيش الوطني الليبي بقيادة الجنرال خليفة حفتر، الذي تبقى خطوط إمداده من قاعدته الرئيسية في بنغازي تحت الخطر بسبب التمدد المفرط.
• تفتقر الميليشيات التي تدعم حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقراً لها إلى هيكل موحد للقيادة، وهو ما يعطي حفتر الفرصة لسلخ وحدات مفردة عن جبهة الدفاع عن حكومة الوفاق الوطني.
• آفاق انعقاد المؤتمر الوطني الليبي الذي ترعاه الأمم المتحدة، والذي كان من المقرر عقده في الفترة من 14 إلى 16 نيسان (أبريل) للتفاوض على حكومة وحدة وطنية، أصبحت قاتمة، لكن لدى طرفي الصراع حافز للسيطرة على المناطق الثمينة في غرب ليبيا في حال تم استئناف الحوار في المستقبل.
 
* *
في الأيام الأخيرة، دخل الصراع في ليبيا مرحلة جديدة. فقد أرسل الجنرال خليفة حفتر الجيش الليبي الحر الذي يقوده لشن هجوم على طرابلس العاصمة، مؤذناً باندلاع حرب مفتوحة مع حكومة الوفاق الوطني المنافِسة للمرة الأولى في أربع سنوات تقريباً. وبعد أن أعلن حفتر عن بدء هجومه على طرابلس يوم 4 نيسان (أبريل)، استولى جيشه الوطني الليبي سريعاً على مدينة غريان الواقعة على بعد نحو 80 كيلومتراً (50 ميلاً) إلى الجنوب من العاصمة، وعلى مطار طرابلس الدولي. ومع ذلك، سرعان ما تعثر تقدمه، وفقد في قتال لاحق سيطرته على هذه المناطق لصالح الميليشيات المتحالفة مع حكومة الوفاق الوطني.
ومع توقف تقدمها، بات من غير المرجح أن تتمكن قوات حفتر من تحقيق السيطرة الكاملة على العاصمة في أي وقت قريب، وهو ما ينطوي على احتمالات كبيرة لأن يصبح الاقتتال على العاصمة صراعاً مطولاً. وفيما يلي بعض النقاط المهمة التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار لدى مراقبة الوضع الليبي بينما يتواصل الصراع:
• هل يستطيع الجيش الوطني الليبي إدامة عملياته؟
يبدو الأمر كما لو أن حفتر كان يعتقد بأن هجوماً مفاجئاً يشنه على العاصمة يمكن أن يتيح لجيشه توطيد السيطرة على المواقع الرئيسية في طرابلس قبل أن تتمكن الميليشيات المتباينة المؤيدة لحكومة الوفاق الوطني من الالتحام والتصدي لهجومه. كما يرجح أن يكون حفتر قد أمل أيضاً بأن تساعد التحالفات مع بعض القوات المحلية الجيش الوطني الليبي على التمسك بالمناطق التي يحتلها وإدامة هجومه، بالنظر إلى النجاحات التي حققها جيشه باتباع هذا النمط عندما كان ينتشر جنوباً وشرقاً من معاقله في شرق ليبيا: تتحرك القوات سريعاً للاستيلاء على المناطق، ثم تؤمن الدعم من الحلفاء المحليين لمساعدتها في التمسك بها.
لكن هذه الاستراتيجية لم تنجح في طرابلس. فالميليشيات من طرابلس ومصراتة القريبة، التي تدعم حكومة الوفاق الوطني أيضاً، هي قوات المعارضة الأفضل تدريباً والأحسن تجهيزاً التي واجهها الجيش الوطني الليبي حتى الآن. وتمتلك الميليشيات المصراتية، على سبيل المثال، كميات من الأسلحة والمعدات التي كانت قد صادرتها من جيش الزعيم الراحل معمر القذافي خلال الحرب الأهلية الليبية في العام 2011. كما تم تزويدها أيضاً بدعم وتدريب إضافيين على مدى السنوات التي ساعدت خلالها على القتال ضد ميليشيات “الدولة الإسلامية”. وبعد كل شيء، كانت مجموعة ميليشيات “البنيان المرصوص” المصراتية، وليس جيش حفتر الوطني الليبي، هي التي ألحقت الهزيمة بقوات “الدولة الإسلامية” في معقلها في سِرت في العام 2011. ولأن القتال يدور في فنائها الخلفي، فإن هذه الميليشيات لا تحتاج إلى خطوط إمداد طويلة يترتب عليها حمايتها، وهو ما يحرر قواتها ويعطيها إمكانية التحرك بسرعة حسب ما تقتضي الضرورة.
حتى يحقق حفتر النجاح في هذا الصراع، فإنه سيحتاج إلى معرفة كيفية حماية خطوط إمداد قواته التي تمتد على طول مئات الكيلومترات من الصحراء إلى قاعدة عملياته بالقرب من بنغازي. وكانت نقطة الضعف الأكبر للجيش الوطني الليبي هي حجم قواته قياساً بالمساحات الشاسعة من الأراضي التي تحاول أن تسيطر عليها عبر ليبيا. وفي هجوم شنته قواته في وقت سابق من هذا العام للاستيلاء على حقول النفط في جنوب ليبيا، استطاع حفتر أن يعتمد على القوة الجوية ليستهدف بسرعة ويفرِّق الميليشيات الصغيرة التي تقاتل جيشه، متجاوزاً الحاجة إلى حماية خطوط إمداد طويلة. لكن من غير المرجح أن تعمل هذه الاستراتيجية في بيئة حضرية مثل طرابلس؛ حيث يجب أن يعتمد حفتر على قواته البرية والحلفاء المحليين المتعاونين معها.
يترك هذا الواقع خطوط الإمداد الطويلة للجيش الوطني الليبي ضعيفة ومكشوفة أمام الهجوم. وتقع مراكز النقل الرئيسة على طول ذلك الطريق في الجفرة، وسط ليبيا، وكذلك مدينة غريان ومطار طرابلس الدولي، الذي يشكل جائزة يستمر الطرفان في التنازع عليها. ومن المرجح أن تستمر القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني باستهداف هذه المراكز الحاسمة. ومع تمدد قوات حفتر وتوزعها بشكل غير كثيف، فإن الميليشيات المنافسة والجماعات الإرهابية في المنطقة التي استولى عليها الجيش الوطني الليبي مسبقاً، مثل بنغازي، ستنال الفرصة لاستعادة موطئ قدم لها. وسيكون من شأن أي قتال كبير يتطور في هذه المناطق أن يحد من قدرات حفتر على إدامة العمليات في طرابلس.
 
• هل يستطيع حماة حكومة الوفاق الوطني أن يظلوا متحدين؟
اجتاحت الانقسامات الداخلية حكومة الوفاق الوطني وحلفاءها الليبيين في الغرب منذ تم تشكيل الحكومة في العام 2016، مع اندلاع اشتباكات فصائلية بين هذه الجهات من وقت إلى آخر. وكان حفتر قد أمل بوضوح في أن تمنع هذه الانقسامات الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق الوطني من تنظيم نفسها بسرعة لوقف هجومه. لكنها ظلت حتى الآن متحدة إلى حد كبير. وفي الحقيقة، قبل بضعة أيام من انطلاق الجيش الوطني الليبي، أعلنت “قوة حماية طرابلس” -التي تتكون من أربع ميليشات في طرابلس نفسها- أنها تقوم بتشكيل غرفة عمليات مشتركة لتنسيق عمل العشرات من الميليشيات المنفصلة التي تتوزع في المنطقة بين سرت والحدود التونسية. وحتى الآن، تبين أن ذلك التحالف كان حقيقياً.
بينما يصبح الاقتتال حول طرابلس أكثر شراسة، سوف يحاول حفتر وداعموه سلخ عناصر من تلك القوات وجلبها إلى صفه. وإحدى المجموعات الرئيسية التي تجدر مراقبتها هي “السلفيون المداخلة”، وهم طائفة إسلامية مرتبطة بالمملكة العربية السعودية. ويتكون جيش حفتر الوطني الليبي من تحالف من مجموعات الميليشيا القادمة من خلفيات متنوعة، بما في ذلك عدد من ميليشيات السلفيين المداخلة الأخرى. وربما يأمل حفتر، الذي كان قد تحدث مع الملك السعودي سلمان في اجتماع للجامعة العربية في آذار (مارس)، في كسب الدعم لهجومه. وسيكون أحد المؤشرات المهمة على نجاحه هو قدرته على كسب تعاون “قوات الردع الخاصة” في طرابلس، المعروفة أيضاً باسم “ردع”، والكتيبة 406، العضو في تجمع ميليشيات “البنيان المرصوص”. وهناك أيضاً فصائل وميليشيات معتدلة في معظم مدن غرب ليبيا والتي يمكن إغراؤها لدعم حفتر.
 
• ما هو رد الفعل الدولي؟
دعمت مصر والإمارات العربية المتحدة بقوة صعود حفتر والجيش الوطني الليبي، الذي دعمته أيضاً كل من فرنسا وروسيا بدرجة أقل. لكن مدى الدعم للهجوم الحالي بين داعمي الجيش الوطني الليبي الخارجيين ليس واضحاً بعد. وقد نآى الإماراتيون، الذين قد يكونون أكثر داعمي حفتر وضوحاً، بأنفسهم عن العملية، وسوف تكون مصر قلقة من نشوب معركة يمكن أن يتضاعف حجمها لتتحول إلى حرب أهلية ليبية أخرى. ويمكن أن تسمح الفوضى الناجمة عن صراع آخر واسع النطاق لتنظيم “الدولة الإسلامية” باستعادة قوته بينما تتواصل الأزمات السياسية في الجزائر والسودان.
ولكن، حتى لو كان حفتر قد أطلق الهجوم من دون الحصول على مباركتها، فإن هذه الحكومات لن تتخلى عن دعمها له ولن تقبل بفكرة ضغط الغرب على قائد الجيش الوطني الليبي بأي طريقة مهمة. وقد ظهر هذا التوجه فعلياً حين عرقلت روسيا صيغة لقرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول القتال، والتي ذكرت حفتر والجيش الوطني الليبي صراحة. ولكن، بينما يتطور الصراع، سوف يتدخل الغرب -وداعمو حفتر- لصالح جانب أو آخر.
 
• ماذا عن المفاوضات السياسية؟
أطلق حفتر هجومه قبل عشرة أيام فقط من موعد المؤتمر الوطني الذي كان من المقرر عقده من 14 إلى 16 نيسان (أبريل) الحالي، كجزء من عملية حوار وطني تقودها الأمم المتحدة. ويبدو كما لو أنه أطلق هجومه على أمل تأمين نفوذ كبير في الحوار. أما الآن، فليس واضحاً ما الذي يمكن أن يحدث تالياً في تلك العملية. ما تزال الأمم المتحدة تخطط لعقد المؤتمر. ولكن، في حين أن الأطراف المتنافسة ربما كانت راغبة في التفاوض مع حفتر في السابق، فإن هجومه على طرابلس سيؤدي على الأرجح إلى تقوية المعارضة لأي تنازلات مهمة يمكن أن تُقدم لصالحه بينما يتواصل القتال.
 
 
 
*نشر هذا التقدير تحت عنوان: What a Fight for Tripoli Could Mean for Libya’s Future
 
*مركز التنبؤات الاستراتيجية، Strategic Forecasting, Inc؛ والمعروف أكثر باسم “ستراتفور” STRATFOR، هو مركز دراسات استراتيجي وأمني أميركي، يعد إحدى أهم المؤسسات الخاصة التي تعنى بقطاع الاستخبارات، وهو يعلن على الملأ طبيعة عمله التجسسي، ويجسد أحد أبرز وجوه خصخصة القطاعات الأميركية الحكومية. تطلق عليه الصحافة الأميركية اسم “وكالة المخابرات المركزية في الظل” أو الوجه المخصخص للسي آي إيه، The Private CIA. معظم خبراء مؤسسة ستراتفور ضباط وموظفون سابقون في الاستخبارات الأميركية.