Wednesday 29th of October 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Oct-2025

نتنياهو وشركاؤه يدفعون الفلسطينيين لمعارضة التسوية

 الغد

هآرتس
 
شاؤول اريئيلي، سيفان هيرش – هيفلر وجلعاد هرشبيرغر 28/10/2025
 
منذ مائة سنة وأكثر والمجتمع الفلسطيني يسير في طريق تحقيق طموحاته الوطنية بين الرواية والواقع. منذ تصريح بلفور في 1917 – الذي اعتبره الفلسطينيون ظلم كبير وقع عليهم في اعقاب مصادرة حقهم في تقرير المصير المستقل في وطنهم واعطاء هذا الحق للشعب اليهودي – وحتى 1988، كانت يد الذين يتمسكون بالرواية التي لا تهاون فيها هي العليا.
 
 
في العملية التدريجية التي بدات بعد حرب الايام الستة، تبلور في اوساط القيادة الفلسطينية الفهم بان الكفاح المسلح من اجل "فلسطين من البحر وحتى النهر" لن يؤدي الى تحقيق الطموحات الوطنية. في 1988 حدثت انعطافة، ويد من يؤيدون التسوية تغلبت.
في تلك السنة م.ت.ف وافقت على قرارات الامم المتحدة 181 و242، التي تعني الاعتراف بدولة اسرائيل في حدود 1967. كما هو منصوص عليه في الاعتراف المتبادل بينها وبين اسرائيل في اتفاق اوسلو الذي وقع في ايلول 1993. ولكن هذا التغيير في الموقف السياسي لم يحدث أي تغيير في الرواية الفلسطينية. ففي مقدمة اعلان عام 1988 اعلن المجلس الوطني الفلسطيني الاستعداد للموافقة على تقسيم البلاد، "رغم الظلم التاريخي للشعب العربي الفلسطيني".
الاستعداد للتسوية يمكن تفسيره بعوامل، التي حسمت ايضا موقف معظم الدول العربية: التفوق العسكري لاسرائيل والشرعية الدولية لوجودها داخل حدود 1967.
  استطلاع مميز، اجرته في ايلول الماضي مجموعة الابحاث "تمرور بوليتغرافيا"، بمشاركة معهد ابحاث الامن القومي، في اوساط عينة تمثيلية للفلسطينيين في الضفة، اثبت التوتر في المجتمع الفلسطيني بين رواية غير متساهلة وبين موقف سياسي براغماتي الذي هو مستعد لتسوية جغرافية تتمثل بدولتين حسب القرارات الدولية: 78 في المائة من فلسطين لاسرائيل، و22 في المائة لفلسطين. الجانب المخلص في الرواية هو ان تقريبا النصف يرفضون حق اسرائيل في الوجود، ويعتقدون انه يمكن القضاء عليها في اعقاب 7 اكتوبر. معظم الجمهور، 69 في المائة، لا يؤمن بان اسرائيل ستبقى قائمة للابد. هذه المعطيات تعكس لعبة مجموعها صفر. اضافة الى ذلك 28 في المائة يفضلون دولة فلسطينية واحدة (بدون يهود)، و17 في المائة يؤيدون الكفاح المسلح. من كل ذلك تتضح صورة وضع فيها الكثير من الفلسطينيين يرون الخيانة في التنازل الجغرافي أو الوطني.
 لكن في نفس الوقت يظهر من الاستطلاع صورة مختلفة: نصف الفلسطينيين في الضفة يقولون ان حل الدولتين هو البديل السياسي الافضل. وعندما تم طرح "رزمة اتفاق كاملة" (اقامة دولة الى جانب اسرائيل، عاصمة في شرق القدس، عودة اللاجئين الى الدولة الفلسطينيين، تواصل جغرافي بين الضفة وغزة وانهاء الادعاءات المتبادلة)، نسبة التأييد قفزت الى 75 في المائة. هذا التفضيل هو قوي، لا سيما في اوساط المسنين، حيث نسبة تاييدهم وصلت الى 87 في المائة.
الى ذلك يضاف استعداد لتحالف اقليمي، شريطة ان يشمل افق حقيقي لاقامة الدولة الفلسطينية. تقريبا نصف المستطلعين ايدوا ذلك (48 في المائة) مقابل 43 في المائة عارضوا. على مستوى طرق العمل تظهر فجوة موازية: في حين ان التاييد للكفاح المسلح موجود، فان 43 في المائة يرون في المفاوضات طريقة عمل مفضلة، و25 في المائة يؤيدون المقاومة غير العنيفة. هناك معطى مهم آخر: 57 في المائة يعتقدون ان اختطاف المدنيين لا يخدم الاهداف الوطنية للفلسطينيين.
 أي انه من جهة، ما زال هناك فهم عميق للرواية الوطنية المتطرفة التي لا هوادة فيها. ولكن من جهة اخرى، هناك تاييد لمواقف سياسية براغماتية، خاصة عندما تكون التسوية السياسية مفصلة. خطاب محمود عباس في الامم المتحدة اثبت ذلك: تاييد قوي لحل الدولتين وادانة حماس، من اجل اقامة الدولة الفلسطينية الى جانب اسرائيل، مع حمل رمز العودة – رمز الرواية الفلسطينية.
 على القيادة والجمهور في اسرائيل ان يدركوا هذا التوتر، وملاءمة توقعاتهم مع ذلك. عندما تهبط الايديولوجيا الى الحد الاقصى الى ارض الواقع فان الاستعداد للتسوية يميل الى استبدال الحلم الاصلي، والجمهور مستعد لان يفحص خطوات تدريجية تخلق مقابل حقيقي. عندما ينتقل النقاش من مجرد رواية الى "رزمة اتفاق" مفصلة، يزداد الاستعداد للتنازل والتسوية. العملية السياسية من شانها ان تكون طويلة وقاسية، لكن حسب نتائج الاستطلاع فان معظم الفلسطينيين في الضفة يوافقون على تطبيقها في اطار حل الدولتين.
 مع ذلك فانه من اجل تطبيق الاستعداد للتنازل الفلسطيني والعربي الآن، بعد التوقيع على الاتفاق، يجب على اسرائيل ضمان ان هذه الميزات – التفوق العسكري والشرعية الدولية التي تملي ايضا الموقف الفلسطيني، ستبقى في يدها على الاقل الى الجيل القادم. للاسف، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وامثاله يقضمون بشكل كبير هذه الميزات ويدفعون الفلسطينيين والعالم العربي الى اعادة تبني الرواية التي لا تهاون فيها ايضا كموقف سياسي.