Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Jan-2020

الولايات المتحدة وإيران: خفض التصعيد قد يكون قصير الأجل

 الغد-افتتاحية – (الغارديان) 8/1/2020

ترجمة: علاء الدين أبوزينة
 
كانت مشاعر الارتياح التي أعقبت الانتقام الإيراني الكبير -وإنما المعايَر بدقة ضد الولايات المتحدة لمقتل قاسم سليماني- غريزة مفهومة ومستحقة. كان يمكن أن تكون الأمور أسوأ اليوم. ولكن، لا يمكن أن يكون هناك رضا نهائي عن الوضع الراهن: فقد تمت تهدئة المخاطر لفترة قصيرة ولم يتم تجنبها بالكامل. وفي حين قال دونالد ترامب يوم الأربعاء إن إيران “تبدو وكأنها تتراجع”، فإننا لن نعرف الأثر الحقيقي للاغتيال لعدة أشهر قادمة -وربما لسنوات.
كانت الهجمات التي شُنت على القواعد العراقية التي تستضيف قوات الولايات المتحدة والتحالف هي العمل الإيراني الأكثر مباشرة ضد الأميركيين منذ الاستيلاء على السفارة الأميركية في طهران في العام 1979، وأول هجوم مباشر يُشن على قاعدة أميركية. وكان هذا عرضاً جريئاً ورمزياً: عملية تم توقيتها لتتناسب مع مصرع الجنرال، لكنها كانت محدودة أيضا. وعلى الرغم من المزاعم الإيرانية عن سقوط 80 ضحية، تقول الولايات المتحدة أن أي أميركي لم يصب بأذى. وقال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي إن الإيرانيين حذروه سلفا قبيل الهجوم. وصرح وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في تغريدة على “تويتر” بأن بلاده قد أنهت ردها، و”إننا لا نسعى إلى التصعيد أو الحرب”.
بالنظر إلى أن إيران لا تستطيع تحمل كلفة حرب ساخنة، فإن الضربات التي تمت صباح يوم الأربعاء تبدو رد فعل معقولا، لكنها بالكاد تشكل ذلك “الانتقام الشديد” الذي تعهدت به طهران. وقد وصفها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بأنها صفعة في وجه أميركا، والتي لا يمكن أن تعوض عن الاغتيال: “المهم هو إنهاء الوجود الأميركي”. وسواء كان الانسحاب الأميركي وشيكا أم لا، فإن أحداث الأسبوع الماضي جعلته بالتأكيد حتميا تقريبا. وقد يكون ذلك كافيا لتهدئة ألم كبرياء إيران المتضرر، والذي يسمح لها بقول إنها -كما أراد سليماني منذ فترة طويلة- تطارد وتطرد الولايات المتحدة، التي ستُترك الآن حتى من دون ورقة التين التي يصنعها أي إنجاز يمكن أن تعرضه لغزوها الكارثي للعراق في العام 2003.
لكن الهجمات الصاروخية تسمح أيضا لإيران بالعودة إلى أسلوبها المفضل المتمثل في العمل مع الاحتفاظ بإمكانية الإنكار المعقول، والاعتماد على الوكلاء، وشن الهجمات الإلكترونية والإرهاب. ويمكن أن نرى هجمات تشن على أفراد الجيش الأميركي والمدنيين الأميركيين في المنطقة؛ وعلى البنية التحتية النفطية لشركاء أميركا الإقليميين؛ وهجمات ضد إسرائيل من سورية. وقد يمكن الشعور بالهزات الارتدادية في أفغانستان. وربما يتم استهداف الأميركيين أبعد من ذلك بكثير.
يُلزم مقتل سليماني إيران بالرد بقوة -حتى مع إدراكها الآن أكثر من أي وقت مضى لمدى تقلب وجهل القائد الأعلى للولايات المتحدة، وتأثير صقور إيران في الإدارة الأميركية. وقد أوضحت أحداث الأسبوع الماضي أن السيد ترامب ليس لديه استراتيجية لإيران؛ وإنما مجرد حزمة من الدوافع والتحيزات. وقد أضاف اقتراحه ضرورة مشاركة حلف الناتو في الشرق الأوسط إلى الارتباك السائد فحسب. كما أنه يائس أيضاً لصرف الانتباه عن إجراءات عزله وللفوز بولاية رئاسية أخرى في تشرين الثاني (نوفمبر). وكان ترامب قد حذر مراراً في أيام ما قبل وصوله البيت الأبيض من أن باراك أوباما قد يبدأ حرباً مع إيران من أجل أن يُعاد انتخابه.
بدلا من ذلك، بطبيعة الحال، أنجز السيد أوباما الصفقة النووية التي بذل السيد ترامب قصارى جهده لتدميرها. وقد أوقفت خطة العمل الشاملة المشتركة تقدم طهران نحو امتلاك الأسلحة النووية. واقترح الرئيس يوم الأربعاء أن تساعده المملكة المتحدة وغيرها على الفوز بصفقة أفضل. وسيكون ذلك سخيفًا حتى لو كانت لإدارته مصلحة حقيقية في التوصل إلى مثل هذا الاتفاق أو القدرة على التفاوض عليه. فمن خلال سحب الولايات المتحدة وزيادة الضغط على إيران، أخبر ترامب طهران وغيرها بأن الولايات المتحدة غير موثوق بها ولا يمكن الاعتماد عليها على الإطلاق (كما فعل جورج دبليو بوش بغزوه العراق)، وبأن الحصول على أسلحة الدمار الشامل والاحتفاظ بها هما مفتاح النجاة والبقاء. ومهما كانت ملامح النتيجة قصيرة الأجل لهذه الأزمة، فإن الآثار طويلة المدى على السلام واضحة -ومخيفة.
 
*نشر هذا المقال الافتتاحي تحت عنوان:
The Guardian view on the US and Iran: relief may be short-lived