Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Sep-2019

النقابة جسر لخصخصة التعليم ..!*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور-قد يفهم السطحيون العنوان بأنه يتقصى استفزاز النقابة والمعلمين وشيطنتهم، فالرداءة والسطحية سيدتا الموقف بلا منازع، وإن فهم بعضهم هذا فأجيبه بالقول: إن أكثر شيء أعتبره إيجابيا في موضوع اضراب المعلمين، هو تطور خطابهم لمناقشة قضايا مهمة على صعيد تطوير التعليم ورفع شعارات ضد خصخصته، فهذه فقط خطوة تستحق التشجيع، لكن ليس إن تم توظيفها لتصيد الشعبويات والتثوير وإذكاء الاتهامية والتخوين والمؤامرة، بل لنشر ثقافة التطوير والتغيير على ملف التعليم بكل مستوياته، وسواء أتوقف إضراب المعلمين قبل نشر هذه المقالة او استمر، فتطوير التعليم هدف اردني استراتيجي، يجب تحقيق الانجاز فيه قبل أن يعم الجهل أكثر.

لم يسبق لنقابة المعلمين أو أية جهة لها علاقة بالمحور الأهم في العملية التعليمية وهو المعلم..لم يسبق أن اهتموا بموضوع تطوير التعليم أو قدموا مشاركة تستحق الالتفات أو تعبر ولو عن اهتمامهم بهذا الملف، ولا أقول بأنهم لا يدركون أهمية الموضوع أو لا توجد أفكار مهمة لدى المعلمين لتقديمها وتنفيذها من خلالهم، بل أقول إن من يملك مثل هذه الأفكار من بين المعلمين لم نسمع عنه أو منه، لأنه ليس متحدثا باسم نقابة ولا نقيبا ولا صوت له، فالنقابة ومجالسها ما زالت حتى اليوم تدور في فلك مصالح المعلمين وأوضاعهم المعيشية، ولا أنكر عليهم وعلى سائر الأردنيين وموظفي القطاع العام هذا الحق، لكنني أستهجن سلوك أسلوب وخطاب ثورة الجياع بينما المتحدث معلم والمطلب القانوني مهني وليس سياسي، وكان يملك فرصة تقديم درس ديمقراطي وطني وليس وضع البلاد على مفترق طرق مزعجة..
كل الشواهد تقول بأن التعليم في الأردن يسير معاكسا تماما للتعليم في العالم المتحضر، ويزيد من الأعباء على الدولة والمجتمع، وهي حالة تستفيد منها الجهات التي تستثمر في التعليم، من بينها معلمون حكوميون يملكون مراكز ثقافية ويزيد الدخل الشهري لكثيرين منهم عن راتب رئيس الوزراء بمرة أو أكثر!..نعترف بكفاءته بالطبع لكننا نعتبره مستثمرا في حالة التردي هذه، حيث تحرص بعض هذه الجهات الاستثمارية على تحقيق مزيد من تردٍ في التعليم الحكومي، وأعتقد أن النقابة ومن خلال هدرها لثلاثة أسابيع من بداية عام دراسي تقدم مزيدا من تسهيلات لدعاة الخصخصة، علاوة على تردي الأداء الطبيعي في كثير مدارس الذكور على وجه التحديد، ولأن الدولة تقدمت خطوات على صعيد تحديد بعض المشاكل المهمة التي تواجه التعليم، بل وقطعت شوطا في محاولات حل بعضها، إلا أن الوضع الاقتصادي هو أكبر معيق لهذه العملية من التطوير..
لكن تم تحديد محاور واضحة للعمل عليها، وقد تابعت الكثير من الفعاليات المتعلقة بهذه المحاور وكتبت عنها كثيرا في هذه الزاوية، ويمكنني أن أعيد التأشير عليها:
نتفق جميعا على حاجتنا الماسة لتأهيل المدارس وتطوير المناهج «العلمية» وإيجاد أسلوب تدريس سلس، وتأهيل المعلم القادر على التدريس ضمن هذا الأسلوب، وعلى سبيل المثال، نجد أن في الأردن مدارس تنتهج أسلوب أو نظام تعليم دولي، مثل iB ,iG وغيرها، وتتقاضى رسوما دراسية لبعض الصفوف تفوق رسوم الطب ضمن برنامج التعليم الموازي في الجامعات الأردنية، وذلك بسبب قوة هذا النظام في التدريس وبسبب «احتكار تلك المدارس له في الأردن»، وحين نتحدث عن المواد العلمية في هذه الأنظمة الدولية من التعليم، فهي حصيلة تجارب لأنماط التفكير العلمي والتعلم وتوسيع مدارك الطلبة الصغار، لبناء عقول أكثر ديناميكية وأوسع إدراكا، وهذا جهد انساني قابل للنقل والتقليد، وليس محرما، تماما كاستخدام الطائرة في التنقل أو الكمبيوتر في العمل وغيره..
فالعلم ثابت كالدواء، ليس حكرا على مجتمع أو حضارة انسانية، وبناء على هذه الحقيقة البديهية يمكننا أن نبني نظامنا التعليمي الخاص في تدريس الطلبة..  وانطلاقا من هذه الحقيقة قامت الدولة الأردنية بإطلاق الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية عام 2016، وتم تحديد 11 عاما للتخلص من كل التحديات والثغرات في نظامنا التعليمي..
 أما لماذا كانت فترة 11 عاما خيارنا الأردني، فالسبب يعود أولا لعدم وجود مال لدى الدولة (العملية تحتاج ل 3 مليارات على الأقل)، وثانيا لأن موضوع التعليم يحتاج وقتا لترى أثره، فليست القصة شراء كمبيوتر أو ماكنة لحل مشكلة في الانتاج في مصنع ما، بل موضوع بناء العقول عملية تراكمية مستمرة لا تتوقف، لهذا كان الاقتراح أن يتم الاهتمام بالصف الأول وتجهيز احتياجاته من العملية «معلم مؤهل وصف مدرسي مؤثث ومنهاج وأسلوب تدريس» ثم في العام التالي الصف الثاني وبعده الثالث حتى الوصول الى آخر عام دراسي مدرسي بعد 11 عام.
أكاديمية الملكة رانيا للتدريب والتأهيل قدمت حلا مرحليا مناسبا على طريق تأهيل وتدريب المعلم فقط، وقد تابعت هذا الموضوع وحصلت آنذاك على معلومات عن هذه العملية، حيث كانت الأكاديمية قد وضعت شروطا تتعلق بمعدل الثانوية العامة لمن يرغب في التدرّب ليصبح معلما، وكان المعدل المطلوب فوق
 80 %، وهو شرط منطقي بالطبع، لكن وأمام حقيقة حاجة الناس للوظائف قامت وزارة التربية بطلب إلغاء هذا الشرط، وقد فهمت بأن موضوع تأهيل المعلمين وتدريبهم وإعطائهم دبلوما لتدريس بعض التخصصات هي  مرحلة من برنامج الأكاديمية، حيث المطلوب الرئيسي بالنسبة لمدارس التربية والتعليم هو وجود مدربين مؤهلين من كوادرها لتدريب المعلمين الجدد والقدامى، لحل مشكل «تأهيل المعلمين»، لكن كما نعلم المطلوب لتطوير التعليم ليس فقط معلم مؤهل، فهناك المدارس والمناهج ونظام التعليم..
الموضوع كبير ولا يمكن لمقالة واحدة أن تعالجه، لكنني سعيد باهتمام نقابة المعلمين به، على أن لا يكون اهتماما شعبويا بلا معلومة ولا نية للمتابعة، وترويج لغة التخوين والمؤامرة ضد من يعارضها، ويجرمها بتعطيل الطلاب عن الدراسة خدمة لمن يستثمرون في رداءة وتقهقر التعليم الحكومي.