Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Jun-2019

العربية والفارسية.. لغتان تبادلتا التأثير بفعل الدين والجوار

 الغد-ببيت شعري كتب صدره بلغة الضاد وعجزه بالفارسية، افتتح شمس الدين محمد حافظ الشيرازي ديوانه الشعري في القرن الثامن الهجري، كغيره من العلماء والشعراء الذين دمجوا كتاباتهم باللغتين.

وأثرت العلاقات المتواصلة بين بلاد فارس وبلاد الرافدين والجزيرة العربية بشكل كبير على اللغات في المنطقة.
وتعد اللغتان العربية والفارسية من اللغات العالمية الحيّة، وحسب إحصاءات عالمية في العام 2017، يتكلم نحو 295 مليون شخص اللغة العربية، ويتحدث 110 ملايين شخص اللغة الفارسية.
وتعد العربية اللغة الرسمية الثانية بعد الفارسية في إيران، حيث تدرّس في كافة المدارس والجامعات، وتعد من الدروس الضرورية لجميع الطلاب.
كما أن اللغة الفارسية (أو الدرية كما يسمها بعض الأفغان، والتاجيكية عند الطاجيك) لغة رسمية في أفغانستان وطاجيكستان، وتستخدم أيضا في بعض مناطق الهند وباكستان وبعض جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا.
يقول أستاذ الأدب العربي والخبير في اللغة الفارسية الدكتور عباس بورعباسي إن اللغة الفارسية فرع من فصيلة لغات الهندو-أوروبية، إذ تنقسم اللغة تاريخيا إلى ثلاثة أقسام أساسية.
القسم الأول: الفارسية القديمة في عهد الهخامنشيين (القرن السادس قبل الميلاد)، حيث كانت لغة الديانة الزرادشتية. والقسم الثاني: الفارسية الوسطية (بهلوية) في عهد الأشكانيين والساسانيين. والقسم الثالث: الفارسية الحديثة (أو الدّرية) التي ظهرت بعد الإسلام، ثم تحولت إلى اللغة الفارسية المعاصرة”.
وحين دخل الإسلام ربوع بلاد فارس، انتشرت اللغة العربية لعدة أسباب، أبرزها اعتبار اللغة البهلوية مرتبطة بديانة الزرادشتية مما دفع الإيرانيين إلى إهمالها، إضافة إلى أن اللغة البهلوية لم تكن منتشرة، بل كانت محصورة في طبقة خاصة، الأمر الذي سهّل تعويضها باللغة العربية. كما كانت العربية لغة العلم والحضارة في تلك الفترة، مما أسهم في الانكباب على تعلمها.
وفي عهد العباسيين وبعد نشوب الخلافات بينهم، وإقامة الدولة السامانية الفارسية، عادت اللغة الفارسية إلى الواجهة وانتشرت من جديد تحت اسم “الفارسية الدّرية”، وهنا كانت البداية الجديدة للغة الفارسية الحديثة.
ولا يميّز الأجانب كلتا اللغتين عن بعضهما البعض بسبب التشابه بينهما، إذ تتشكل اللغة الفارسية من 28 حرفا عربيا، إضافة إلى أربعة أحرف إضافية، دون مقابل صوتي لها في العربية وهي (گ، پ، چ، ژ).
وأسهم الكثير من علماء بلاد فارس في الشرح والتأليف ونشر الكتب وقواعد اللغة العربية، كما دونوها واهتموا بها، مثل عمرو بن عثمان الملقب بسيبويه، وأبو الحسين الرازي القزويني، وأبو القاسم الخوارزمي الزمخشري، وأبو بكر بن محمد الجرجاني، ومجد الدين الشيرازي الفيروزآبادي، وعبد الوهاب الزنجاني، وأبو الحسن الكسائي، والنيسابوري، وغيرهم من اللغويين في بلاد فارس.
وأثرت الفارسية الدّرية وتأثرت باللغة العربية، إذ توجد خمسة آلاف كلمة معربة من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية، ذكرت منها د. جهينة نصر علي في كتابها “الكلمات الفارسية في معاجم العربية” ثلاثة آلاف كلمة في 440 صفحة.
في المقابل، يقول رئيس أكاديمية اللغة والأدب الفارسي د. غلام رضا حداد عادل إن أكثر من 50% من اللغة الفارسية مستقاة من اللغة العربية، وإذا أزيلت الكلمات العربية من اللغة الفارسية، ستصبح ضعيفة جدا، حسب رأيه.
من جهته، قال الكاتب اللبناني محمد رشيد ناصر ذوق في مقال عن المقارنة بين اللغة الفارسية والعربية “نستنبط من دراسة الكتب العربية والفارسية أن بعض المفردات الفارسية دخلت العربية قبل الإسلام بمئات السنين، لكن يصعب تشخيص هذه المفردات، وذلك نسبة للتغيرات الكبيرة التي طرأت على الفارسية.
وكمثال على صعوبة ذاك التشخيص، يضرب أستاذ اللغات القديمة في جامعة طهران بهرام فره وشي مثالا على ذلك فيقول إن كلمة “ناهد” التي تعني اليوم بالعربية الفتاة الكاعب، نجدها تعطي المعنى نفسه في كتاب الإيرانيين القدماء أي “الأوستا”.
وحسب حسين الحاج حسن في كتابه “أعلام في العصر العباسي”، فقد تأثرت اللغة العربية باللغة الفارسية بعد استقطاب العلماء الوافدين من بلاد الفارس، وترجمة الكتب من الفارسية إلى العربية، منها كتب “كليلة ودمنة، آيين نامه، خداي نامه، الأدب الكبير والأدب الصغير” لابن المقفع.
كما كتب د. يوسف بكار في صحيفة الرأي الأردنية “أضيفت على العربية ألفاظ جديدة جاءت من اللغة الفارسية، تتعلق بالمحسوسات والماديات كأسماء الألبسة والأطعمة والنباتات والحيوانات والشؤون المعيشية والإدارة، مثل بنفسج وجوسق وبرنامج ونموذج ومهرجان وأستاذ وديوان وساذج وسرداب”.
ومع أن نشأة اللغتين العربية والفارسية تعود لأصلين مختلفين، فإنه كان بينهما -وعلى مر التاريخ- تعامل وثيق، بسبب العلاقة المستمرّة بين الفرس والعرب، مما خلّف آثارا متبادلة لا نظير لها في سائر اللغات العالمية، وهذا التأثير لم يكن سلبيا بالمطلق على كلتا اللغتين، بل زادهما جمالا وقوّاهما في التعابير والمعاني. – (الجزيرة نت)