Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Jan-2019

شعراء أردنيون: الشعر أسطورة اللغة عند التصاقها بالواقع وخرابه
الدستور - عمر أبو الهيجاء -
 
للشعر إيقاعاته التي التصقت كثيرا بالهمّ الإنساني، والقصيدة العربية لها علاقة حميمية بشاعرها، من السؤال التالي الذي توجهنا به إلى مجموعة من الشعراء الأردنيين حول القصيدة وانخراطها في الخراب الذي عمّ الوطن العربي، وحول كذلك علاقة الشاعر بقصيدته، متسائلين أيضا عن قصائدهم هل استطاعت أن تصور التراجيديا الحزينة التي تغلف القلوب بالخراب العميم، فكانت هذه الرؤى والإيضاحات.
 الشاعر مهدي نصير:
اذا لم يكن هذا الخراب وهذا الموت المجاني وهذه التبعية البائسة محركاً للشعر فبئس الشعر وبئس الشعراء؛ الشعر أصدق أدوات الكتابة التصاقاً بالألم الفردي والألم الجماعي والجمعي الذي تعيشه الشعوب وأكثرها حساسيةً والتقاطاً لنبض الناس ومعاناتهم وحزنهم، وإذا لم يستطع الشعراء التقاط هذا الحزن الذي هو حزنهم بسبب أدوات كتابتهم أو اجترارهم للغة وإيقاعاتٍ ومشاعرَ وصورٍ بائدةٍ وميتةٍ يحاولون بها أن يعبروا عن حياةٍ طازجةٍ ونازفةٍ فبئس اللغة وبئس الصور وبئس الشعر والشعراء مرة أخرى.
الشعر إذا لم يكن حاراً جديداً خالعاً للاقتباس فهو ليس شعراً؛ فالشعر انبثاقٌ من ألم الآن وليس من ألمٍ نمطيٍّ نتراقص كالبلهاء على إيقاعاته، الشعر نبضٌ حيٌّ نازفٌ يجترح أدوات تعبيره الجديدة من رحم اللحظة ومن رحم الحزن الذي يولد وليس من حزنٍ مضى، والشعر أسطورة اللغة عند  تزاوجها مع الواقع وخرابه في محاولةٍ للارتقاء به وبحزنه وبقدرته على المقاومة والمواجهة والاستمرار، والشعر الذي يجترُّ الماضي يُعيدُ إنتاجه دون القدرة على رسمِ أفقٍ لتخطيه، ولذلك فالشعر الحقيقي ملتصقٌ بحركة هذا الواقع ويتولد منه وينبثق من تناقضاته العميقة.
أما بالنسبة لقصيدتي فآخر قصيدةٍ كتبتها كانت عام 2015 وما زلتُ أبحث عن أدواتٍ تمنحني القدرة على التعبير عن هذه التراجيديا التي نحياها.
 الشاعر د. سلطان الزغول:
مجموعتي الشعرية الأخيرة والصادرة حديثا بعنوان «حضن الأفول» معظم نصوصها تتماس مع الخراب الذي عمّ الوطن العربي في عصر إنهيار الأحلام بالتحرير والتطور والحرية، فمثلا قصيدة «الجدار» تحاول أن تجد ثغرة في الجدار العالي الذي يحيط بنا منذ احتلال العراق ومرورا بما حدث من خراب في البلدان العربية الأخرى وانسداد الأفق أمام الشاعر والمواطن العربي الذي يحمل همّ الإنسانية.
من جهة أخرى علاقتي بالقصيدة علاقة حميمية، حيث إنني أيضا أرى القصيدة من جانب آخر أنها استطاعت أن تعبر عن تشابك علاقاتها بالواقع والهم الإنساني المعيش وكذلك المشاكل الفكرية التي تواجهه، وكما أعتقد أن القصيدة الحديثة قدمت فتوحات جديدة في هذا المجال على عكس القصيدة المنبرية التي تعتمد كثيرا على الخطاب الصاخب وتبتعد عن مشكلات واقعنا المعيش.
 
 الشاعر يوسف الديك:
علاقتي بالقصيدة هي إلى حدٍّ كبيرٍ علاقة العاشق بحبيبته المتمرّدة، علاقة تمرُّ بكلّ مراحل الشغف والحبّ والصخب والتمرد والجفاء ، لذلك تمرُّ فترات طويلة أحيانًا دون كتابة مقطعٍ واحد من قصيدة قصيرة، ثم تعود الحالة الشعرية محمّلة بكل شوق الحبيبةِ ودفءِ الوصال وأحيانا أعذار الغياب القهري أو القسري.
ودوما أقول  لم تكتب القصيدة كي تصل .. لأن وصولها يعني نهاية الدرب والببات الأبدي للحروف، ولأن الشعر قلق دائم وبحث لا يتوقف عن إجابات أسئلةٍ كثيرةٍ معقّدة وشائكة ،أسئلة لا تدور بمخيلة العادي والسياسي والسطحي، كونها قلقة تتقافز على جمرٍ لاهب وحرقة ذائمة، فمن الصعب القول بوصول القصيدة للهدف حتى وإن كان هدفًا مرحليًا، الشعر الحقيقي لا تعنيه الظروف ولا المسرح الخارجي للنصّ، وقد  انتهى بتقديري دور شاعر القبيلة وشاعرالطائفة وشاعر الوطن لمصلحة الوجدات والهم اليومي والذات  المتشظية بمرارات الأيام الصعبة، لذا لا بد من استمارا النبض لتبقي القصيدة مشتعلة تحاول ولا تصل.
أمّا فيما يتعلق بالجزء الأخير من السؤال ومؤثرات كلّ هذا على نصّي الشعري، فللحقيقة أقول إن كلّ ما يجري وإن كان على تماس بي كإنسان معبأ بمشاعر الوجد احن للوطن ومقاومة العدو المحتل والظروف القاهرة ..رغم كل هذا فإنه على المستوى الشعري لا شأن له بالقصيدة ..القصيدة طائر بريّ لا يكف عن الطيران ولا يهدأ ليستريح ويستطلع ويقرأ ما يحيط به من ظروف وويلات ..القصيدة لا علاقة لها الا بذاتها ..بحرفها وشاعرها وبنائها الداخلي فنيًّا.. وحسب، لقد قفزنا بعيدًا عن زمن التنظير للشعر وعلينا أن نعترف بأن القصيدة مخلوق جميل لا شأن له بكلّ خساراتنا وانتكاساتنا اليومية.