الغد- هآرتس
بقلم: عاموس هرئيل 11/3/2025
وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أجرى مقابلة، صباح أول من أمس، مع راديو "كان". وبالحساسية الإنسانية نفسها التي تميزه، أوصى سموتريتش جنود الاحتياط بالاستعداد للاستدعاء لخدمة أخرى في القريب، لأنه خلال فترة قصيرة، ستعود إسرائيل لمقاتلة حماس في قطاع غزة. قبل يوم، في خطاب لوبي أرض إسرائيل في الكنيست، غرق وزير المالية في حسابات معقدة، لكن بالنسبة له كانت مشجعة - كم عدد الفلسطينيين الذين كان يمكن إقناعهم بالهجرة طوعا إذا أخرجنا عشرة آلاف كل يوم طوال أيام الأسبوع يبدو أنه يعتبر العملية حماية للنفس، التي تسمح بالعمل أيضا يوم السبت.
في المحادثات التي أجراها مؤخرا مع عائلات المخطوفين، أوضح سموتريتيش: "لو أن الأمور كانت تتعلق به، فإنه لن يسمح بانسحاب الجيش من محور فيلادلفيا أو الخروج عن المعايير الأمنية في القطاع أو أي عملية ستفسر كإنجاز لحماس".
يبدو أن سموتريتش يعيش في عالمه الخاص. حتى الآن باستثناء منتصف كانون الثاني (يناير) الماضي عندما لم يتمكن من وقف المرحلة الأولى في صفقة المخطوفين التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لم تكن هناك أي فجوة حقيقية بين موقفه وموقف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. ولكن الأمور آخذة في التعقد الآن. عندما تقترح الإدارة الأميركية مسارا إلى الأمام، الذي توجد له احتمالية لإنهاء الحرب وإعادة المخطوفين الـ59 الباقين، الأحياء والأموات، من غزة، فأي جزء من الجمهور وكم من رجال الاحتياط سيبقون مع سموتريتش؟
جميع الاستطلاعات تشير الى تأييد ثابت، 70 % في الرأي العام، لاستكمال صفقة التبادل حتى لو شملت تقديم تنازلات مؤلمة لحماس. للمرة الأولى، يبدو أن هناك خطرا بأن جزءا من جنود الاحتياط لن يمتثلوا للخدمة إذا كانت العودة الى الحرب في هذه المرة مختلفا عليها. أيضا هكذا في وحدات كثيرة يمتثل مؤخرا فقط نصف الجنود تقريبا، والجيش يحاول طمس ذلك بطرق مختلفة. الجيش الإسرائيلي ملزم أيضا بإعداد الخطوات العملياتية لاحتمالية انهيار المفاوضات وتجدد القتال. هذا ما يفعله حاليا رئيس الأركان ايال زمير، لكن النقاشات السياسية حول سيناريو استئناف الحرب التي يقودها سموتريتش وأمثاله تواصل التعبير عن الانغلاق الجارف إزاء العبء الملقى على جنود الاحتياط والجيش النظامي. الوزراء ببساطة يتجاهلون ذلك أو ربما أنهم يعتقدون أن الحلم المشكوك فيه، العودة الى غوش قطيف وتهجير الفلسطينيين (أهداف اليمين المتطرف الحقيقية للحرب)، ستبرر كل تضحية حتى بالنسبة لمعظم الجنود.
حسب تقديرات الجيش الإسرائيلي، فإن العبء على الجيش النظامي بشكل خاص يتوقع أن يزداد على خلفية مطالب الحرب في غزة، والحاجة الى زيادة الأمن على الحدود لمنع هجوم آخر على شاكلة 7 أكتوبر والطلبات الجديدة التي تنبع من قرار الإبقاء على قوات في أراضي الدول المجاورة، في هضبة الجولان وفي جبل الشيخ السوري وفي جنوب لبنان. كل هذه الخطط يتم رسمها من خلال الإدراك بأنه لا يوجد للمستوى السياسي الحالي أي نية لإلغاء التسوية السياسية مع الأحزاب الحريدية، التي تضمن استمرار تهرب ناخبيها. حتى لو كان يجد صعوبة في تمرير التشريع المطلوب لذلك إزاء انتقاد الجمهور. الحلول التي يطرحها الجيش، مثل تشكيل اللواء الحريدي، لا تساعد. عمليا، لا يوجد في هذه المرحلة تغيير مهم في عدد الحريديين الذين يمتثلون للتجند.
في هذه الأثناء، يحاولون في إسرائيل فهم معنى الخطوة الأميركية الجديدة -ترسيخ قناة مفاوضات خلفية، سرية، مع حماس بواسطة مبعوث ترامب آدم بهلر، والتصريحات المفاجئة لبهلر في مقابلات مع وسائل إعلام أميركية وإسرائيلية. يبدو أن الإدارة الأميركية حاولت، أمس، القيام بخطوة الى الخلف في أعقاب الغضب في حكومة نتنياهو. وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو قال إن محادثات بهلر مع حماس كانت "حدثا لمرة واحدة". أيضا نتنياهو والشخص المقرب منه، الوزير رون ديرمر، قالا لوزراء في إسرائيل إن بهلر يتسبب بالضرر، وإن ترامب ومبعوثه الكبير ستيف ويتكوف يتحفظان من الخطوات التي قاما بها.
على خلفية ما هو معروف عن الطريقة الفوضوية التي تتصرف بها الإدارة الأميركية، التي فيها عدد كبير من الوظائف الكبيرة شاغر، بغض النظر عن حملة التقليصات التي يقودها الملياردير ايلون ماسك، فإنه لن يكون من المفاجئ إذا كانت هذه هي طبيعة الأمور. بهلر نفسه يظهر كشخص غريب الأطوار بشكل خاص، حتى بالنسبة للإدارة الحالية.
وفي المقابل، من الواضح أن الرئيس الأميركي ما يزال يأمل في التوصل الى صفقة، ومشكوك فيه إذا كان يعتقد أن الطريقة الوحيدة للوصول إليها هي بواسطة احتلال إسرائيل من جديد للقطاع. ترامب يواصل تهديد حماس بأنه سيؤيد عملية إسرائيلية مؤلمة، لكنه لا يقطع الطريق أمام التفاهمات حول صفقة مكملة لإعادة الرهائن الباقين. التهديد العسكري الإسرائيلي كلما كان مقنعا أكثر، فإنه يخدمه إذا كان يريد تحقيق الموافقة من حماس. ويتكوف قال، أول من أمس، إنه مطلوب موعد محدد لإنهاء المفاوضات حول الصفقة.
اقتراحات الأميركيين وخطة مصر التي تمت مناقشتها في القمة العربية في القاهرة في الأسبوع الماضي ما تزال تراوح حول الحلول نفسها: وقف إطلاق النار، إعادة جميع المخطوفين، انسحاب إسرائيل بالكامل من كل القطاع (باستثناء سيطرة لم يتم توضيح طابعها في موقع أمني قرب الجدار على الحدود) وتفاهمات حول إعادة إعمار القطاع. رجال ترامب يواصلون الطرح وحماس ليس بالضرورة تنتفي، تسويات تشمل تنازلا من حماس عن الصلاحيات المدنية التي توجد في أيديها في القطاع. هذه التسوية يمكن أن تشمل الأموال من الخليج وتشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية، كما يبدو، من دون مشاركة حماس وتواجد لقوة عربية في القطاع ودور معين للسلطة الفلسطينية. في المسألة الأخيرة نتنياهو يظهر معارضة شديدة جدا.
من أجل التوصل الى كل هذه الأمور، فإنه من المهم للأميركيين أن يتم الحفاظ على وقف إطلاق النار وأن يبدأ المزيد من المخطوفين في العودة الى البيت، حتى لو أن هذا سيمتد لفترة. في هذه الأثناء، الحديث ما يزال يدور عن هدف يصعب تحقيقه، رغم التألق المفاجئ للمبعوث بهلر. ولكن حتى الآن يبدو أن الإدارة لم تتنازل بعد عن هذه الاحتمالية. أمام أنظارها يقف أيضا مثال ناجح نسبيا لتسوية ما تزال صامدة حتى الآن رغم كل الخروقات والعقبات، وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان.