Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Apr-2019

تكرار جرائم الأحداث* موفق ملكاوي

 الغد-تقرير مهم كتبته الزميلة منى أبو حمور ونشرته “الغد” في ملحق “حياتنا” أمس، يلقي الضوء على أعداد الأحداث الذين يكررون جنوحهم وجرائمهم بعد خروجهم من دور الرعاية.

الأرقام الموجودة في التقرير تعتبر مؤشرا على عدم كفاية البرامج التأهيلية التي يخضع لها أولئك الأحداث، ففي العام 2016 كرر 23 % عودتهم للجريمة، وهي النسبة نفسها في العام 2017، بينما ارتفعت إلى 24 % في 2018، وهي نسب مقلقة بلا شك، وتطرح تساؤلات حقيقية حول جدية البرامج الإصلاحية والتأهيلية، ومدى تعاطيها مع الأسباب الأولية للجنوح.
وقبل دراسة أسباب تكرار الأحداث للجرائم، ينبغي طرح السؤال الأهم، بتقديري، وهو لماذا يعمد الحدث إلى الوقوع في الجريمة في المقام الأول، خصوصا أن نسبة كبيرة من تلك الجرائم هي قتل وشروع بالقتل، أي من الجرائم الكبرى؟!
يقف التفكك الأسري في صدارة الأسباب التي تؤدي بالحدث إلى الجنوح، فغياب الرقابة الأسرية كفيل بكسر واحد من الحواجز المهمة التي يحس الحدث حسابها في سياق سلوكه. أما التسرب من المدرسة فهو عامل آخر للجنوح، خصوصا إذا اقترن بمحاولة دخول سوق العمل من باب بعض المهن غير الصديقة للأحداث، وفي بيئات عمل غير ملائمة لهم، يختلطون فيها بمن هم أكبر منهم من دون رقابة، ما يفتح وعيهم على أمور من المبكر التعاطي معها في مثل هذه السن المبكرة.
في بيئة العمل تلك، يمكن للأحداث أن يختبروا العديد من الأفعال والممارسات، إضافة إلى الإساءات التي يمكن أن يتعرضوا لها، وعلى اختلاف أنواعها، كما يمكن لوعيهم أن يتفتح مبكرا على أنماط وسلوكيات تعزز من ممارسات كسر القانون واستسهال الخروج عليه، خصوصا بغياب الرقابة الأسرية، والتي بوجودها يمكن أن تسهم في تقليل نسب الجنوح.
ومع ذلك، فهذه ليست الأسباب جميعها التي تؤدي بالحدث إلى الانسياق في طريق الجنوح والجريمة، فهناك أسر متماسكة غير أنها اختبرت جنوح فرد أو أكثر منها، ولعل ذلك يتأتى من خلال “رفقاء السوء” الذين يحفزون أقرانهم على بعض التجارب أو المخالفات البسيطة في البداية، وسرعان ما يتدرجون في تلك الممارسات وصولا إلى ارتكاب جنح وجرائم يعاقب عليها القانون.
سبب آخر للجنوح، وأعتبره مهما، وهو تراجع الدور التربوي للمؤسسات التعليمية؛ ففي الماضي كانت المدرسة تنطلق من أساس تربوي مكرس في عملها، وتقرن التعليم به، وتجعله متقدما على عملية التعليم برمتها. أما اليوم، ونتيجة عوامل عديدة، لا مجال لحصرها هنا، تراجع هذا الدور، وأصبحت المدرسة تقوم بدور الرقابة على سلوك الطالب في الحدود الدنيا، حتى أن كثيرا من الإدارات لا تطلع الأهل على سلوكيات أبنائهم والتغيرات فيها، هذا إن كان هناك رصد لسلوكيات الطلبة في الأصل!
دراسة سلوك الأحداث الجانحين ينبغي أن تنطلق أصلا من دراسة الأسباب الأولى للجنوح، ومحاولة تعزيز منظومة التربية والتقويم في الأسرة والمدرسة والمجتمع، عندها سوف يصبح الجانحون أقلية، وستصبح برامج تقويمهم أكثر فاعلية.