Saturday 12th of July 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-Oct-2024

هل يعد تنويع استراتيجيات التدريس في الغرفة الصفية أساسا لنجاح العملية التعليمية؟

 الغد- آلاء مظهر

 في سياق تطوير التعليم وسعيه لمواكبة متطلبات العصر، تبرز الحاجة لتنويع استراتيجيات تدريس يعتمدها المعلمون في الغرفة الصفية، كركيزة أساسية لتحقيق تعليم فعال.
 
 
وبينما يلعب التنوع في تبني استراتيجيات تعليمية مختلفة، دورا محوريا بتحسين جودة النظام التعليمي بعناصره العديدة، وامتلاكه القدرة على تلبية احتياجات الطلبة، ويسهم بتفاعلهم وتطوير مهاراتهم وتحفيز قدراتهم على التفكير الإبداعي والنقدي، أكد خبراء في التربية، أن التنويع في الاستراتيجيات، أساس لنجاح العملية التعليمية، وتلبية احتياجات المتعلمين، رغم تعدد أنماط تعلمهم ومستوياتهم.
 
وبينوا، في أحاديثهم المنفصلة لـ"الغد"، عدم وجود استراتيجية واحدة يمكن اعتبارها الاستراتيجية الأفضل لجميع المواقف التعليمية، لذا فإن هناك حاجة تستدعي امتلاك المعلمين استراتيجيات تدريس متنوعة.
ولفتوا لضرورة مراعاة الفروق الفردية بين الطلبة في الغرف الصفية لأسباب عدة؛ أبرزها أن تعليم الجميع بالأسلوب نفسه مهما كان فعالا، لا يحقق نتائج جيدة إلا لعدد محدود من الطلاب، فالتدريس بالأسلوب نفسه، يحول مناخ الموقف الصفي إلى مناخ جاف لا يناسب التعلم.
ودعوا القائمين على النظام التعليمي، إلى إعادة النظر في خطط التدريب للمعلمين، بخاصة في ضوء نتائج تقرير وحدة المساءلة، والعمل مع الجهات المعنية بالتدريب النوعي، لضمان تمكين المعلمين من الاستراتيجيات التدريسية الحديثة والمناسبة لمواقف التعلم وتوظيفها، وفق المتغيرات المتعلقة باختيار الطريقة أو الاستراتيجية أو الأسلوب التدريسي، وأيضا امتلاك مهارات تصميم وتنويع الأنشطة التعليمية، لأن اختيار الاستراتيجية الملائمة وتنوع الأنشطة، وفق المواقف التعليمية، هو مفتاح لتحقيق تجربة تعليمية فعالة للطلبة. 
وكانت وحدة جودة التعليم والمساءلة، نفذت 503 زيارات تقييمية، للوقوف على جودة الأداء في ضوء مؤشرات المدرسة الفاعلة الـ20، وضمن المجالات الأربعة (التعلم والتعليم، بيئة الطالب، المدرسة والمجتمع، القيادة والإدارة) بين 10 أيلول (سبتمبر) من العام الماضي إلى 16 أيار (مايو) من العام الحالي.
وبينت نتائج تحليل تقارير الزيارات التقييمية للمدارس التي جرت زيارتها للعام الدراسي (2023-2024) المنشورة على موقع الوزارة الإلكتروني مؤخرا، قوة في مستوى أداء هذه المدارس في المؤشرات الآتية: تركيز المدرسة على بناء قيم واتجاهات إيجابية عند الطلبة، وتمثيل طاقم المدرسة أنموذج قدوة للطلبة، وتوافر فرص للقيادة التشاركية للعاملين بالمدرسة، ونشر ثقافة التوقعات الإيجابية والعالية في مجتمع المدرسة، وتبني المدرسة منهجية اتصال مؤسسي.
وأظهرت نتائج التحليل وجود قضايا جوهرية، أثرت سلبا على أداء المدارس التي جرت زيارتها، ومن بينها أن هناك 49 % منها حققت مستويي أداء ضعيفا ومتدنيا في مؤشر التنويع في استراتيجيات التدريس، ومراعاة الفروق الفردية لتلبية احتياجات الطلبة بواقع 244 مدرسة، إذ لا ينفذ المعلمون فيها أنشطة علاجية وإثرائية، تراعي أنماط تعلم الطلبة وحاجاتهم النمائية في الغرفة الصفية، ولا يستخدمون نشاطات متنوعة تساعد على التفكير الناقد والاستقصاء والتحليل والتركيب والإبداع.
وفي هذا السياق، أكد الخبير في التربية د.محمود المساد، أن مراعاة الفروق الفردية بين الطلبة في غرفة الصف، وأنماط تعلمهم وذكاءاتهم المتعددة، في غاية الأهمية لأكثر من سبب، أبرزها: أن تعليم الجميع بالأسلوب نفسه، مهما كان فعالا لا يمكنه أن يحقق مخرجات جيدة إلا لعدد محدود من الطلبة قد لا يتجاوز الـ20 % ؜من إجماليهم، فالتدريس بالأسلوب نفسه، يثير توتر من لا يتعلمون به، ويضاعف ملل آخرين، ويتحول مناخ الموقف الصفي إلى مناخ جاف لا يناسب التعلم.
وبين المساد، أن هذا كله يفرض تأهيل المعلمين وتدريبهم على تنويع أساليب تدريسهم، بحيث تختلط بأنشطة وتدريبات وحوارات قائمة على الأسئلة المفتوحة، أكانت من المعلم أم من الطلبة، مع توظيف للتكنولوجيا وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وقال "إن الحديث عن تعلم نوعي، يفترض به أن يقوم على مزيج متوازن في أداء المعلم، على أن يتكون من محتوى تعلمي مثير له معنى، وإن لم يكن كذلك، فيعمل المعلم باعتباره جزءا مهماً من المنهاج، على تغطية أي عيوب في الكتاب المدرسي، أو أي مصدر من مصادر التعلم، وتحميل هذا المحتوى لعدد متنوع من أساليب التدريس التي تلبي حاجات الطلبة الفردية، مع التركيز على جانبي المعرفة النظرية والعملية، والفردية والرمزية، والاستماع الواعي والتفاعل المنتج".
وأضاف أنه يجب أن يقدم محتوى تعلم بطرائق أداء جاذبة وودية، تجمع بين الابتسامة وعبارات التشجيع، والتفاوت في مستوى الصوت والحركة المعبرة بلغة جسد وازنة غير مشتتة للتركيز، مبينا أن هذا المزيج، يجمع أيضا بين: توظيف مهارات التفكير، وترسيخ قيم إيجابية مدمجة في ثنايا محتوى التعلم، وإعطاء الطلبة أدواراً تتفاوت بين الإجابة عن سؤال والتعبير الحر عن الرأي أمام الطلبة لتنمية الشخصية.
وأشار المساد، إلى أن واقع الحال لا يسر ولا يشجع، فمن نتائج الدراسة التقويمية التي صدرت عن الوزارة مؤخرا، تبين أن 49 % من المدارس التي جرت زيارتها، حصلت على أداء ضعيف ومتدن في مجال تنويع استراتجيات التدريس ومراعاة الفروق الفردية بين الطلبة، وهذا يعني أن التدريس في معظم مدارسنا، بخاصة المدارس الحكومية للذكور، ما يزال تلقينا يعتمد المعلم فيه على أسلوب واحد رتيب، يرافقه الاهتمام بالعلامة والاختبار، والجفاف في القول.
وأكد أن التعلم النوعي القائم على مهارات التفكير وترسيخ القيم، وبناء الشخصية المتوازنة المنتجة للمعرفة، يتطلب معلما مؤهلا، يتجدد باستمرار في التدريب والمطالعة، وأن يغدو فاعلا إيجابيا مسلحا بالمعرفة والمهارات البيداغوجية، ما يمكنه من إحراز تعلم حقيقي للطلبة، كأفراد يلبي حاجاتهم ويساير ذكاءهم.
بدوره، قال مدير إدارة التخطيط والبحث التربوي بوزارة التربية والتعليم سابقا د.محمد أبو غزلة، إن ما أظهرته تقارير المساءلة التي أصدرها مؤخرا قسم تحليل الأداء وتوجيه السياسات في وحدة جودة التعليم والمساءلة بالوزارة للعام الدراسي 2023-2024، والمتعلق بتحليل أداء المدارس في الزيارات التقييمية للعام الدراسي، يكشف عن الحاجة الماسة لتطوير منظومة التعليم المدرسي بعناصرها كافة، وتحسين جودة التعليم المقدم للطلبة، بخاصة في ضوء النتائج التي أظهرها التقرير بمؤشر تنويع استراتيجيات التدريس، ومراعاة الفروق الفردية لتلبية احتياجات الطلبة في المجال الأول من تقييم المدرسة الفاعلة التي قيم الأداء المدرسي على أساسها.
وأوضح أبو غزلة، أن النتائج أشارت إلى أن 244 مدرسة مشاركة في الدراسة من أصل 503 مدارس، حققت أداء متدنيا وضعيفا في هذا المؤشر بنسبة 49 %، إذ لا ينفذ المعلمون في هذه المدارس أنشطة علاجية وإثرائية، تراعي أنماط تعلم الطلبة وحاجاتهم النمائية في الغرفة الصفية، ولا يستخدمون نشاطات متنوعة، تساعد على التفكير الناقد والاستقصاء والتحليل والتركيب والإبداع، وهذا يعني أيضا أن استراتيجيات التدريس والأنشطة التعليمية، لا تستجيب لاحتياجات المتعلمين ولا تراعي قدراتهم ومهاراتهم، ما يؤثر على توجههم التعليمي اللاحق، ويؤثر على قدرتهم في اختيار تعلمهم ومهنهم المستقبلية.
وأكد أنه لا توجد استراتيجية واحدة، تعد الأفضل للمواقف التعليمية، وبالتالي هناك حاجة تستدعي امتلاك المعلمين استراتيجيات تدريس متنوعة، وعليهم أيضا وضع خطط لدروس تتناسب مع احتياجات وظروف بيئات التعلم المتنوع.
ولفت أبو غزلة، إلى أن تنويع استراتيجيات التدريس، من العناصر الأساسية لنجاح العملية التعليمية، فهو يلبي احتياجات المتعلمين جراء تعدد أنماط تعلمهم ومستوياتهم، وبالتالي تنوع خصائصهم وطبيعة المحتوى التعليمي، وغيرها من المتغيرات التي تتطلب استخدام طرائق واستراتيجيات وأساليب تدريسية تنمي مهارات التفكير التحليلي والنقدي والإبداعي عند الطلبة عن طريق ممارسات تدريسية وأنشطة تعليمية يقدمونها للطلبة في المواقف التعليمية العديدة. 
واعتبر أن استخدام استراتيجيات متعددة ومتنوعة ومناسبة للمواقف التعليمية ولخصائص الطلبة وغيرها، أداة فعالة لتطوير مهارات التفكير العليا عند الطلبة، تؤهلهم لمواجهة تحديات العالم الحقيقي بثقة وكفاءة، كما تساعدهم على التعامل مع أي مشاكل يصادفونها، وتمكنهم من حلها، وتطوير مهارات تفكيرهم الاستقلالي والإبداعي. 
ورأى أن الاستراتيجيات التي تركز على التعلم التعاوني، أو التعلم بالعمل، أو تعزيز التفاعل والمشاركة، وتنمي مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات، وتعزز التعلم الذاتي والاستقلالية مع توظيف التكنولوجيا في التعليم والحفاظ على التفاعل الاجتماعي، وتحفيز الطلبة على التعلم، من أهم الاستراتيجيات الحديثة التي يجب امتلاكها وتطبيق المعلمين لها مع طلبته، فهذه الاستراتيجيات والأساليب تشجع الطلبة على طرح الأسئلة واستكشاف الأفكار الجديدة. 
كما تسهم، بحسب أبو غزلة، بتمكينهم من اتخاذ القرارات وحل المشكلات بفعالية، وتوفر تجارب تعلم متعددة يواجهون فيها تحديات تعليمية، تشجعهم على البحث والاستكشاف، يما يمكنهم من تلبية احتياجاتهم، وتعزيز فهمهم للمواد الدراسية، وزيادة دافعيتهم ومشاركتهم في التعلم والتعليم، ومن ثم تحسين أدائهم الأكاديمي والاجتماعي والمهاري، وهذا بدوره سينعكس على جودة نظام التعليم بعناصره المتنوعة.  
وأشار أبو غزلة، إلى أنه في ظل التطور التقني وانتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي، تبرز أهمية امتلاك المعلمين استراتيجيات تدريسية تتيح لهم استخدام أدوات تعليمية مبتكرة، كالتطبيقات التفاعلية، والبرمجيات التعليمية، والدروس المصورة والروبوتات، ما يسهل تصميم وتخصيص التعلم التفاعلي وفق احتياجات الطلبة، بخاصة في ظل تطوير المناهج الرقمية التي يعمل عليها المركز الوطني للمناهج ضمن خطته.
كما أشار إلى أنه في ظل تبني الوزارة التعليم المتمازج، ووضع استراتيجية له، فمن المهم للمعلمين التمكن من المهارات التقنية وتوظيفها بتصميم التعليم لتلبية الاحتياجات الفردية لكل طالب، وإنشاء مسارات تعلم مخصصة للطلبة، بناء على نقاط القوة والضعف وتفضيلات التعلم لهم ويمكن أن تكون نتائج تقييمهم هذه فورية تساعدهم على اتخاذ القرار المناسب لطلبتهم. 
ودعا أبو غزلة القائمين على النظام التعليمي، إلى إعادة النظر في خطط التدريب للمعلمين، بخاصة في ضوء نتائج تقرير وحدة المساءلة، والعمل مع الجهات المعنية بالتدريب النوعي، لتمكين المعلمين من الاستراتيجيات التدريسية الحديثة والمناسبة لمواقف التعلم، وتوظيفها حسب المتغيرات المتعلقة بعملية اختيار الطريقة أو الاستراتيجية أو الأسلوب التدريسي، وامتلاك مهارات تصميم وتنويع الأنشطة التعليمية، لأن اختيار الاستراتيجية الملائمة وتنوع الأنشطة وفق المواقف التعليمية، مفتاح لتحقيق تجربة تعليمية فعالة للطلبة. 
وأشار أبو غزلة، إلى توجيه المشرفين التربويين ومديري المدارس للعمل على نقل وتبادل الممارسات المعرفية، والخبرات بين المدارس والمعلمين، لتحسين أساليبهم التعليمية، وتقديم تجربة تعليمية أفضل للطلبة. 
كذلك، ببين أن على المعلمين السعي لامتلاك مهارات استراتيجيات تدريسية تقنية، وتطبيقها على الطلبة في المواقف التعليمية، وفق متغيرات أهداف التعليم ومحتواه وخصائص وصفات الطلبة، وتنويع الأنشطة التعليمية التي يصممونها ويقدمونها للطلبة، ما سيعزز من ثقة الطلبة بهم، ويحسن من نتاجات أدائهم، وسينعكس على رغبتهم بتطوير قدراتهم.
وبغير ذلك، وفق أبو غزلة، فإن غياب تمكن المعلمين من تنوع استراتيجيات التدريس الصفي وتقديم أنشطة تلائم الطلبة وتلبي احتياجاتهم، ستخلف آثاراً سلبية متعددة على العملية التعليمية، وعلى عدم تحقيق أهدافها، بالإضافة إلى أنها ستؤدي إلى تراجع مستوى فهم الطلبة، واستيعابهم للمنهج، ودافعيتهم ومشاركتهم في التعلم، وستخلق بيئة تعليمة غير محفزة ومملة للتعلم، مضيفا أن ذلك سينعكس على عدم تلبية احتياجاتهم وممارساتهم وسلوكياتهم التعليمية السلبية وطريقة تقييمهم، وتجربتهم التعليمية عموما، وجودة النظام التعليمي.
وشاطرهم الرأي الخبير في التربية عايش النوايسة، الذي اعتبر أن استراتيجيات التدريس الحلقة الأهم في عمليات تعلم وتعليم الطلبة، لأن جلها يعتمد على ما ينفذ في الغرفة الصفية، مبينا أن اختيار الاستراتيجية المناسبة للموقف التدريسي، على أن تتوافق مع احتياجات الطلبة والفروق الفردية بينهم، عنصر أساسي في فعالية التعليم، وتحقيق الأهداف التعليمية.
ولفت النوايسة، إلى أن التعلم بات يعتمد على استراتيجيات التعلم النشط، القادرة على إعطاء دور أكبر للطلبة في عملية تعلمهم، كالتفكير الناقد والتحليلي والإبداعي وحل المشكلات وغيرها، موضحا أن الإشكالية في عمليات التعليم والتعلم، تكمن في الميل نحو التدريس المباشر، الذي يعتمد على المعلم بشكل كبير جدا لتوصيل المعرفة، ولكن هذا النوع من التعليم لم يعد ملائما مع نظريات التعلم التي تعتمد على إعطاء دور أكبر للطلبة.
وأضاف النوايسة، أنه كلما تتوع المعلمون في هذه الاستراتيجيات، زاد شغف الطلبة واهتمامهم وارتفعت دافعيتهم لعمليات التعلم والتعليم بشكل أكبر، والعكس صحيح، مشددا على ضرورة التنويع في استراتيجيات التدريس وربطها بعمليات التقويم الواقعي.