Wednesday 1st of January 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Sep-2015

ذاكرة قماش.. (إلى أين) لاسماعيل شموط
الراي - إعداد: رفعت العلان
 
لوحة «إلى أين» للفنان اسماعيل شموط، تظهر فيها وجوه شخصيات اللوحة الاربع ليبدو التساؤل محيرا، فالمساحات امامهم واسعة بلا افق، لا يحملون شيئا يمكن ان يستندوا اليه او يساعدهم في هجرتهم القسرية، لا أدوات ولا طعام، هي مجرد أسمال بالية تستر أبدانهم المرهقة، لاجئون فلسطينيون هجروا من بيوتهم وأراضيهم خوفا من التنكيل بهم او ابادتهم من قبل عصابات الاحتلال  الصهيوني لفلسطين.
 الي اين؟ سؤال سأله الفلسطيني اللاجىء ويسأله العربي الذي تعرض للجوء.
في اللوحه أب وثلاثة ابناء بلا أم، يحمل الاب طفلا علي كتف واحد ويمسك بيد طفله الثاني، اما الثالث فيمشي حانيا راسه خلفهم. تتساءل ملامح وجوههم بحيرة وخوف يكاد يفتت روح وقلب الأب: الى اين؟ فلا يجد اجابة لهم وله.
ملامح الابناء تنطق بالتعب والفزع والاستسلام للامر الواقع، الابن على كتف ابيه يحاول النوم بعد ان أضناه النعاس والتعب وحرارة الطقس. الثاني يتطلع الى وجه ابوه راجياً. الثالث يحاول اللحاق بهم، والجميع يتساءلون: الى اين؟
ملامح الاب المرعوب من المجهول والمستقبل المظلم يتساءل: الى اين؟ اللوحة ذاتها تنطق بهذا التساؤل الذي اختاره الفنان شموط اسما للوحته.
التكوين الجمالي للوحة ساعد علي نقل الحالة النفسية بدقة للمتلقي. فالشخصيات تتحرك في مجال قاحل مفتوح، فيه شجيرة واحدة جرداء وشجيرات في الافق لا تكاد تظهر مما يدل علي اتساع الافق وخلوه من مظاهر الحياة الطبيعية. وتبدو علي ملامح الشخصيات وملابسها مظاهر الارهاق الشديد والفاقه والعوز.
الوان اللوحه معبرة عن موضوعها فالمكان قاحل كما يبدو في خلفية اللوحة وملابس الشخوص بهتت الوانها.
الفأس في اليد الاب يلفت النظر، فلا شيء حملته العائلة سواه، ربما قصد الفنان من وجوده، ان يكون سلاحا لطرد الحيوانات او قتل الزواحف التي قد تهاجمهم، او ربما يكون الاداة التي سيعمل بها الاب حين يتسنى له ذلك، او بغرض الحفاظ على ذكرى من المكان الذي هجره. كل الاحتمالات واردة فرادى او مجتمعة.
من خلال لوحات شموط التي اتسمت بالإفصاح حيناً وبالتضمين حيناً آخر، لم ينفك الفنان عن تصوير اللجوء من المكان الفلسطيني في لوحات حملت عناوينها التوضيحية معاني طالما تكرّرت في أذهان الناس وفي تجربة الفنان مثل عنوان لوحة «إلى أين؟»ومهما مضى من زمان ومهما تحوّل مكان إقامة الفنان، فإن شموط لم يكن يعنيه ما يحيط به من مرئيات إلا بقدر ما أوحى له ذلك من متابعة تسخير موهبته الفنية لرسم لوحات زيتية كان هدفها حثّ المشاهد للتعاطف مع قضية الشعب المقتلع وتأييد النضال من أجل عودته إلى أرضه.
 جاءت لوحات شمّوط لتؤرّخ المسيرة الفلسطينية من خلال تشخيص إيضاحي تغيّر مضمونه وفق الخطاب السياسي الفلسطيني والحرارة التي أثارها حدث الساعة.
 مثّلت موضوعات أعماله الزيتية الأولى صوراً من معاناة الشعب المشرد التي شملت الشيخ القنوط والأم الحزينة والطفل الجائع، فقد لحقتها أعمال أشادت بصورة الفدائي وبندقيّته والشهيد المضرّج بدمائه والتفاف الوجوه النموذجية المختلفة حول علم البلاد ورموز الوطن، علاوة على لوحات صوّرت العالم الوردي الذي تخيّله الفنان وقد هبّ احتفالاً بتحرير الأرض.  ومضمون رسالته البيانية طوال مسيرته الفنية، ترمز صورتها بالجسد النموذجي للفلاحة الفلسطينية التي تحلّت بثوبها المطرّز، ويختزل المكوّنات التشكيلية لتلك الأرض إلى أنماط نموذجية من الإشارات الطبيعية المتخيلة للمكان، وفي أحيان أخرى يكتفي الفنان بالإشارة، في خلفية لوحته، إلى ذلك المكان، من خلال الشكل الجغرافي لخارطة فلسطين.
صورة