Sunday 22nd of December 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Dec-2024

مواجهة غير واجبة مع الجيران الجدد

 الغد-معاريف

 
ألون بن دافيد   20/12/2024
 
موجة التفجير التي بدأت بانهيار حزب الله والمحور الشيعي لم تنه بعد تصميم المنطقة. الألواح التكتونية للشرق الأوسط ما تزال في حركة، وسقوط الأسد الذي اعتبر تطورا مباركا، كفيل بأن يتبين كتهديد جديد. وبينما تتصمم المنطقة - يجد الجيش الإسرائيلي نفسه يجتذب إلى بقاء طويل في ثلاث مناطق: غزة، لبنان وسورية.
 
 
زعيم سورية الجديد، أحمد الشرع الملقب "أبو محمد الجولاني"، بدل بزة (المقاوم) ببدلة ويبث خطا رسميا ومعتدلا أكثر. هو يقول ويفعل كل الأمور الصحيحة: يمنع أعمال ثأر واسعة، يحاول توحيد كل الطوائف والفصائل تحت قيادته وتأسيس نظام وطني وليس متطرفا - دينيا.
منذ اللحظة التي استولى فيها على الحكم في دمشق، يحرص على أن يلتقي مع كل مراكز القوة في سورية، في محاولة لإعادة تأسيس الوطنية السورية التي تتجاوز الأديان. كخريج الحرب في العراق - لا يعتزم تفكيك جيش الأسد بل الإبقاء عليه كإطار وطني وغرس جيشه في داخله، الذي بات يعد منذ الآن 100 ألف رجل. ومثلما يميل لفعله الآباء المؤسسون للأمة، يمتنع عن تعيين وزير خارجية ووزير دفاع تحته ويبقي في يديه هذين المنصبين.
بينما تواصل إسرائيل التدمير المنهاجي للوسائل القتالية الاستراتيجية المتبقية في سورية، أمر الجولاني بفرض حراسة على مخازن السلاح كي لا تقع في أيدي ميليشيات مستقلة. سلاحنا الجوي حقق نتائج طيبة في تدمير سلاح الجو السوري ومنظومات الدفاع الجوي، وتوجد مسألة كم نجح في ضرب صواريخ أرض أرض السورية التي توجد في معظمها في أنفاق تحت أرضية. كما توجد علامة استفهام كبيرة على ماذا وكم تبقى من مخزونات السلاح الكيماوي للأسد. 
من يقف إلى جانب الجولاني هم الأسياد الدائمون لحركة الإخوان المسلمين، ومن الآن فصاعدا هم أيضا الأسياد الجدد لسورية: تركيا وقطر. القمة الدولية الأولى التي عقدها كانت مع وزير الخارجية التركي ورئيسي المخابرات التركي والقطري. الجولاني يتخذ صورة من يقبل طواعية إمرة تركيا، التي لم تتخل أبدا عن حلمها الإمبريالي. وبينما النفوذ الإيراني يتقلص، تعتزم تركيا الدخول إلى كل مكان يبقي الإيرانيون فيه فراغا. وإذا بقي الجولاني، يحتمل أن تكون لنا قريبا لأول مرة حدود مشتركة مع الأتراك في شكل دولة مرعية يقيمونها في سورية. فضلا عن التهديدات الداخلية على النظام الجديد في سورية، من بين رجاله، فإن نقطة الاحتكاك التي ينبغي أن تعني إسرائيل هي الأكراد في شمال شرق سورية، المدعومون من الولايات المتحدة ممن نجحوا في الإبقاء على حكم ذاتي في معظم سنوات الحرب الأهلية. إذا حقق الرئيس التركي رجب طيب اردوغان تهديداته وشن ضدهم أيضا حرب إبادة - فإن هذا سيضعه في مسار صدام مع الولايات المتحدة، وكفيل بأن يشعل مواجهات في أجزاء أخرى في سورية.
الروس، رغم صور إخلاء مواقع عسكرية من سورية، لن يسارعوا للتنازل عن موطئ قدمهم في المياه الدافئة للبحر المتوسط. فقد أجلوا مقدرات أسطولهم وقسما مهما من بطاريات الدفاع الجوي، لكن سورية لن تتنازل بسهولة عن المعقل الشرق أوسطي لها الذي يشكل خشبة قفز لكل الأعمال الروسية في أفريقيا. من الصعب أن نرى كيف ستطردهم تركيا والجولاني. وهم على ما يبدو سيبقون في المجال.
إن الدخول الإسرائيلي إلى المنطقة العازلة في الجولان وما وراءها أيضا كان خطوة دفاعية واجبة ووفرت منذ الآن أيضا فرصة الصورة الواجبة لرئيس الوزراء. فضلا عن دخول القوات، تسعى إسرائيل لأن تخلق حوارا مع أبناء القرى المجاورة، السنية والدرزية، ممن ليسوا بالضرورة يتماثلون مع طريق هيئة تحرير الشام؛ الحاكم الجديد في دمشق.
رجال الجولاني لا يسارعون إلى النزول للانتشار في الجنوب خوفا من المواجهة مع المحليين ومع إسرائيل. بدلا من هذا، دعا الجولاني إلى الحوار زعيم السنة في حوران، أحمد عودة، الجهادي في الأصل الذي انضم إلى جيش الأسد كقائد لواء ونزع الآن مرة أخرى بزته وأصبح ثائرا. أمام إسرائيل لا تقف في هذه اللحظة قوات هيئة تحرير الشام في جبهة الجولان.
بغياب أحد آخر يأخذ المسؤولية، يبدأ الجيش الإسرائيلي بالاستعداد لبقاء طويل على الأرض، وهذا كفيل بأن يؤدي بنا إلى مواجهة غير واجبة مع الجيران الجدد. قواتنا الامبريالية بدأت تقع في حب أجزاء البلاد الجديدة، ويجدر بنا أن نقرر إذا كان ينبغي لنا ونريد أن نبقى على أرض سورية وندخل في احتكاك مع عدو جديد.
في لبنان، كل كارهي الشيعة يرفعون الرأس ويرون فرصة لدحر حزب الله إلى مكانة جديدة ومقلصة في الدولة. وما تزال حقيقة أن الجيش اللبناني يجر الأرجل ولا ينتشر كما هو متفق عليه في جنوب الدولة هي إشارة إلى أن حزب الله، رغم ضعفه وزعيمه المتعرق، يعد قوة مهددة. هناك أيضا فإن الجيش الإسرائيلي الذي استعد لأن يخلي المناطق التي احتلها، مطالب بأن يستعد الآن لبقاء طويل، على ما يبدو إلى ما بعد الستين يوما التي تقررت في اتفاق وقف النار.
في زيارة هذا الأسبوع لدى قوات الجيش الإسرائيلي في الجبهة الغربية في لبنان، كان واضحا بأنه ليس لديها الوسائل اللازمة لبقاء طويل. في الجيش يترددون في البدء بتزويد مثل هذه الرسائل انطلاقا من الفهم بأنه هنا أيضا وضع مؤشرات على بقاء دائم يمكنه أن يخلق آلية تعرض وقف النار للخطر. على مدى كل الزيارة في الناقورة على الشاطئ اللبناني كانت تشاهدنا سفينة صواريخ تركية، مؤشر آخر على القوة الصاعدة في الشرق الأوسط الجديد.