الراي - سرى الضمور -
بالرغم من ارتفاع نسبة النجاح في توجيهي العامين في النظام الجديد لامتحان الثانوية العامة التي بلغت نسبتها 70% غير انه ما يزال يثير تساؤلات في الأوساط التربوية والأسرية.
فالتجربة، التي ما زالت في بداياتها، تواجه استعجالا في الحكم عليها، رغم أن نتائجها لم تتبلور بشكل كامل بعد.
فعند مقارنته بالنظام السابق القائم على نظام الدورة الواحدة، يظهر فارق واضح في الضغط الزمني والنفسي في الوهلة الاولى.
ففي النظام الجديد يمتد التوجيهي لعامين كاملين، ما يعني أن الطلبة يعيشون حالة من الاستعداد والقلق لفترة أطول، بيد ان وزارة التربية والتعليم اكدت على ان الهدف المرجو من هذه التعديلات هو توزيع العبء الدراسي على عامين كي يتسنى للطالب واولياء الامور السيطرة على المباحث التي سيتقدم بها الطالب.
هذا الامتداد يمنح مساحة أكبر للتعلم والتدرج، لكنه في الوقت ذاته يثقل كاهل الأسر والطلبة معاً، من حيث الكلفة المالية للدروس الخصوصية والمراجعات المتكررة، إضافة إلى الضغط النفسي المستمر على مدار عامين، لا عام واحد.
من جانبه، قال التربوي جلال الحجاج لـ«الرأي» إن نظام التوجيهي الجديد بنظام السنتين فرض عليهم ضغطاً نفسياً يمتد لعامين متواصلين، على عكس النظام السابق الذي كان الطالب ينجز خلال عام دراسي واحد ثم ينال قسطاً من الراحة بعد انتهاء الامتحانات.
وبين أن هذا الضغط المضاعف يترك آثاراً نفسية، خصوصاً أن بعض الطلبة عند صدور النتائج لم يتمكنوا من تحقيق المعدل المطلوب للالتحاق بتخصصات طبية وصحية، الأمر الذي يضعهم أمام خيار إعادة بعض المواد لرفع المعدل، وهو ما يزيد من حجم القلق والتوتر لديهم ولدى أسرهم.
وأشار إلى أن التخصصات الصحية باتت تخلو من مواد الفيزياء والرياضيات، وهو ما يثير تساؤلات تربوية حول مدى مواءمة هذا التوجه لمتطلبات هذه الحقول الأكاديمية.
كما تساءل عن مصير شهادات خريجي هذا النظام عند التوظيف خارج الأردن، وما إذا كانت ستعتمد في سوق العمل الإقليمي والدولي، مؤكداً أن وضوح هذه المسألة أمر في غاية الأهمية لضمان مستقبل الطلبة
من جهته، أوضح التربوي أنس العجوري لـ«الرأي» أن الحكم على نظام التوجيهي الجديد بنظام السنتين مبكر لأن التجربة ما زالت في بداياتها وتحتاج إلى وقت كافٍ حتى تتضح ملامحها بشكل كامل.
وبين أن امتحان الثانوية العامة بطبيعته يحتاج إلى تطوير مستمر يواكب روح العصر والتغيرات المتسارعة في العملية التعليمية.
وأضاف أن النظام الجديد قد يحمل فرصا إيجابية من حيث توزيع المواد وإتاحة المجال للطلبة للتدرج في التعلم، لكنه في المقابل يفرض تحديات وضغوطات نفسية ومادية تحتاج إلى متابعة دقيقة.
واكد على أن القيادات التربوية في الوزارة تدرك هذه الحاجة للتطوير وتعمل بوعي على إدخال تحسينات تدريجية، مشيراً إلى أن أي تغيير جوهري في نظام التعليم يحتاج إلى وقت وتجارب متراكمة حتى يحقق غايته المنشودة.
من جانبه اشار التربوي اشرف العليمات، الى نسب النجاح، فقد سجل النظام الجديد ارتفاعا ملحوظاً وصل إلى نحو 70%، وبحسبه فان هذا الرقم يفتح باب التساؤل: هل يعكس فعلاً تحسناً في مخرجات التعليم؟، أم أنه نتيجة لطبيعة المواد المقررة في السنة الأولى، التي تعد أقل تعقيداً مقارنة بالمواد التخصصية المنتظرة في السنة الثانية؟، فالتحدي الحقيقي سيظهر مع إدخال المواد التخصصية ضمن برنامج الامتحانات، ما قد يؤدي إلى تغير في هذه النسبة وربما تراجعها.
وقال العليمات إن الحكم المبكر على نجاح أو فشل النظام قد يكون متسرعاً، لكنه يكشف عن الحاجة الماسة إلى مراجعة مستمرة للتجربة، تراعي مصلحة الطالب أولاً، وتضمن أن تكون الغاية الحقيقية من التوجيهي ليست مجرد رفع نسب النجاح، بل إعداد طلبة قادرين على مواجهة متطلبات المرحلة الجامعية وسوق العمل.
ولفت الى ان التجربة ما زالت في طور التشكل، العام المقبل سيكون محكا حقيقيا لبيان فاعلية النظام، خاصة مع دخول المواد التخصصية على خط الامتحان. وحتى ذلك الحين، يبقى السؤال مفتوحا و هل سيحقق التوجيهي بنظام السنتين العدالة والجدوى التي وضع لأجلها، أم أنه سيضاعف من الأعباء أكثر مما يمنح من فرص.