Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Jun-2018

رحلة الوزراء من تحت (المكيف) إلى قلب (الميدان) - رومان حداد

 الراي - ما أظهره الواقع السياسي واليومي المعاش من قصور حكومي (خلال الحكومات السابقة) في مختلف القطاعات الخدمية وغير الخدمية والتي على تماس مباشر مع المواطن كان هو من الأسباب المباشرة الرئيسة لما حدث من حراك خلال الفترة الماضية، حيث تراكمت الأخطاء من دون وجود حلول حقيقية أو ناجعة، مما أشار إلى ضعف في الأداء، وكثر الكلام بأن بطانة الوزراء لا يوصلون لهم ما يحدث حقاً على أرض الواقع، بل يجملون لهم الواقع من خلال تقاريرهم المرفوعة أو أحاديثهم المباشرة معهم.

محاولة التبرير هذه تطعن بالمسؤول وتنزع عنه صفة المسؤولية أكثر مما تبرئه، لأنها تعطي انطباعاً أ المسؤولين في الأردن يعيشون في أبراجهم العاجية، ولا يعرفون ما يحدث على الأرض، ورغم ذلك فهذا التبرير حقيقي بنسبة كبيرة، ويعكس كيفية إدارة الدولة من قبل الوزراء والمسؤولين على مختلف مستوياتهم، والذين نادراً ما يغادرون مكاتبهم.
في فترة سابقة قسم الإعلام الوزراء والمسؤولين إلى فئتين هما (الأنالوج) و (الديجيتال) في رمزية حداثية
لتصورين مختلفين في دور الدولة وكيفية إدارتها، ورغم جاذبية الفكرة وطرافتها إلا أني أرى أن المسؤولين
عندنا من رتبة وزير إلى غيرها من الرتب سواء كانوا (أنالوجيين) أو (ديجاتاليين)
فمسار الوزير الأردني بات معروفاً، فهو ينتقل من منزله المليء بهواء المكيف طوال أشهر العام، على
حساب الدولة ودافعي الضرائب طبعاً، إلى سيارته المكيفة، وهذه على حساب الدولة بالتأكيد، إلى مكتبه
المكيف، على بند النفقات الجارية في الميزانية العامة، ومن تحت المكيف، الذي يعطي هواء بارداً أو ساخناً
بحسب فصول السنة، يدير الوزارة أو المؤسسة المسؤول عنها، ورغم عدم مغادرته مكتبه، إلا في حالات
الضرورة كحضور مناسبة في قاعة مكيفة، إلا أن المسؤول عندنا يفتخر بمعرفته كل ما يجري خارج حدود
المكيف، من خلال أشخاص ينقلون له ما يحدث وهو يصدقهم دون مراجعة.
إدارة الدولة من تحت المكيف باتت علامة أردنية مسجلة، على الرغم من أن تحرك المسؤولين والوزراء في
الأردن غير مكلف مادياً ولا أمنياً، ومساحة الوطن على اتساعها ليست كبيرة، ونظريات الإدارة تؤكد أهمية
حضور المسؤول في الميدان، إلا أن وزراء ومسؤولين لا يحبذون الخروج إلى الميدان ما لم تكن الزيارة مرتبة
ومدروسة، ربما لكي لا يرى المسؤول أو الوزير أي أمر يستوجب منه اتخاذ إجراءات عاجلة أو البحث عن
المتسببين بعدم إدارة المرافق العامة بصورة جيدة، فيعود المسؤول والوزير إلى مكتبه المكيف مرتاح البال
بعد زيارته الناجحة وهو مطمئن على حال الأردنيين، فما رآه من إنجازات تؤكد تقدمنا، وكل ما يمكن أن يصل
أذنيه من شكاوى وتظلمات بالصدفة، بعيداً عن مصافي (جمع مصفاة) البطانة، لا يتعدى بعض التجارب
الفردية التي لا يمكن تعميمها، أو محض افتراءات يحاول البعض من خلالها النيل من الإنجاز المتحقق.
هذه المرحلة لا تتحمل هذا النمط من الوزراء، فما يحدث خارج حدود المكاتب (المكيفة) تعجز عن وصفه الكلمات، فعلى المسؤولين حاولوا أن يغادروا مكاتبهم دون سابق إنذار، أو الذهاب مباشرة من منازلهم إلى بعض المواقع التابعة لمسؤوليتهم، ما سيثير استغرابهم أول الأمر هو أن أحداً من العامة لن يعيرهم الانتباه، وذلك ليس لأي سبب شخصي بل لأن العامة منا لاتعرفهم وجهاً ولا اسماً، وقد تكون هذه ميزة لأنهم لن يحتاجوا للتنكر كي يراقبوا ما يحدث حقاً، فحضورهم من دون ترتيبات مسبقة كافية للتنكر، كما أنهم لن يروا الموظفين هادئين وباسمين في وجوه المواطنين، ولن يكون هناك صفوف منظمة للدور في الدوائر الخدمية، ولن... ولن... ولن...، متى سيخوض الوزراء الحاليون ومن هم في موقع المسؤولية مغامرة النزول إلى
الشارع، مع التأكيد أن شوارعنا ليست (مكيفة).
ا