أيها المجانين.. اخرجوا من غزة
الغد
معاريف
منذ نحو سنتين، الكثيرون لم يعودوا بيننا. في كل يوم تقريبا يسقط جنود أعزاء على مذبح الحرب التي لا تنتهي. القلب يتفطر إربا، وما يزال هذا يتحدث وذاك يأتي، عوالم كاملة تخرب. غير أن هذه الحرب، الأطول في تاريخ إسرائيل، ليست حرب الاستقلال وبالتأكيد ليست "حرب الانبعاث"، حسب لغة نتنياهو المغسولة، بل حرب غنيمة سياسية.
حرب 7 تشرين الأول (أكتوبر) – نعم، هذا هو اسمها – وإن كانت بدأت كحرب اللامفر، إلا أنه كلما مر الوقت، بدلا من ترجمة الإنجازات العظيمة للجيش الإسرائيلي، الذي أثار العجب بضرباته لحماس، إلى خطوات سياسية كانت ستساعد في تصفية منظمة حماس واصلت الحكومة الحرب بدوافع سياسية ولمصالح غريبة.
أيها المجانين اخرجوا من غزة. كل يوم يمر يورطنا فقط أكثر في الوحل الغزي، وما كان ممكنا قبل سنة أو نصف سنة بات شبه متعذر الآن – والثمن أثقل من أن يحتمل. هذه نتيجة انعدام السياسة لنتنياهو.
إذا كنا نعرف حتى الآن أن من يعرقل الصفقة لإعادة المخطوفين كلهم وإنهاء الحرب، من يفرضون دفعات وحشية ولا يسعون إلى حل شامل، هم نتنياهو، سموتريتش وبن غفير، الآن تقدر حماس أنن الإرادة السياسية الجديدة لنتنياهو هي عقد صفقة، ولهذا فإن منظمة حماس هي الأخرى تؤخرها. في هذه الأثناء، في مملكة الشر وانغلاق الحس تقترح الوزيرة ستروك احتلال المزيد من الأجزاء في غزة، حتى لو كلف الامر حياة المخطوفين، وسموتريتش وبن غفير يتخيلان استيطانا في القطاع وريفييرا غزة.
عمليا، كل جوهر هذه الحكومة السيئة هو تنفيذ نزوات نتنياهو السياسية والشخصية وبقاء الحكومة نفسها. وهكذا، من يدير مفاوضات على قانون تملص من الخدمة في اليوم الذي سقط فيه ثلاثة جنود في غزة، دفع قدما بالخطوة لتنحية رئيس لجنة الخارجية والأمن النائب يولي أدلشتاين فقط، لانه عرقل إرضاء الأحزاب الحريدية المعنية بأن يواصل جمهورها التملص من الخدمة وإلا يتحمل عبء الحرب. يبدو أن إقالة وزير الدفاع يوآف غالنت ورئيس الأركان هرتسي هليفي لم تنجح في توفير البضاعة، ولهذا فإن ادلشتاين هو الآن على بؤرة الاستهداف.
علينا أن نخرج من غزة ليس لأننا لا نريد تصفية حماس. ولكن يجب العمل بحكمة. علينا أن نخرج من غزة كي ندفع قدما بتسوية سياسية تضعف حماس الى أن نعود إلى هناك ونكمل المهمة.
على ألا يرووا لنا القصص عن مصاعب العودة إلى القتل. المثال الحي والمظفر على ذلك، هو وقف النار في لبنان الذي في أثنائه نحن نهاجم حزب الله.
علينا أن نخرج من غزة كي نعيد الخمسين مخطوفا الذين تبقوا هناك، من بينهم 20 على الأقل على قيد الحياة، شبان يعانون منذ سنتين من التعذيب ويحلمون بربع رغيف. علينا أن نخرج من هناك لأن جنودنا منهكون وينفذون المهام على مدى زمن طويل جدا، يحتاجون لأن يخرجوا كي لا نسمع مرة أخرى "سمح بالنشر".
علينا أن نخرج من غزة أيضا في ضوء التدهور الذي لم يشهد له مثيل في المكانة الدولية لإسرائيل – أصبحنا منبوذين في العالم. حتى لو لم يكن الجيش الإسرائيلي يؤذي الأبرياء عن عمد، وحتى لو كانت حماس تستخدم المدنيين كدروع بشرية، وحتى لو كانت إسرائيل تنقل مساعدات إنسانية وغذاء وليست مذنبة في صور الجوع في غزة، – علينا أن نخرج من هناك.
تكاد لا تكون دولة في العالم بما فيها الدول الصديقة لنا في أوروبا، لا تخرج ضد إسرائيل بسبب ما يجري في غزة. المواطنون الإسرائيليون يخافون السفر إلى الخارج، الجنود يلاحقون في العالم واللاسامية تصل إلى ذرى جديدة. غير أن الحكومة بغبائها الشديد لا تريد أن ترى الأمور كما هي، وتفضل مواصلة الحرب، الانقلاب النظامي، إقالة المستشارة والسيطرة المعادية على الديمقراطية الإسرائيلية.