الغد - هديل غبّون - كشفت اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، أن إطلاق مبادرة “ختم المساواة بين الجنسين” لمؤسسات القطاعين العام والخاص سيكون نهاية العام الحالي، على أن تُنفَّذ المبادرة من قبل مركز الملك عبدالله الثاني للتميّز، وذلك وفق ثلاثة مسارات معتمدة.
جاء ذلك، خلال انعقاد جلسات أعمال ختام مشروع “مسارات آمنة لمناهضة العنف في بيئة وعالم الأعمال”، الذي نفذته جمعية معهد تضامن النساء “تضامن” على مدار الأعوام 2023-2025، بدعم من الصندوق الإفريقي لتنمية المرأة، الذي عمل على الحد من العنف في بيئة العمل للنساء من خلال تعزيز دور منظمات المجتمع المدني.
وتعد مبادرة الختم المؤسسي للمساواة بين الجنسين في القطاعين العام والخاص، مبادرة وطنية تم اعتماد معاييرها رسميا في شهر نيسان (أبريل) الماضي، وتم تطويرها بالاستناد إلى معايير دولية للتميز أطرت ضمن السياق الوطني، وجاء كجهد مشترك بين اللجنة الوزارية لتمكين المرأة، واللجنة والوطنية لشؤون المرأة، ومركز الملك عبدالله الثاني للتميز الذي سيشرف على تنفيذ هذه المبادرة.
ورحبت في افتتاح الحفل بالمشاركين، كل من رئيسة “تضامن” إيمان الحسين، والمديرة التنفيذية المحامية إنعام العشا، فيما أكدت راعية الاحتفال عضو مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب الدكتورة عبير دبابنة، أن الفرصة السياسية أصبحت اليوم أكثر اتساعًا أمام النساء والشباب لدخول الفضاء العام.
وأوضحت دبابنة في كلمتها، بأن هذه الفرص اتسعت مع تطور القوانين التي وفرت فرصًا واسعة على المستويين الاقتصادي والسياسي، مشيرة إلى أن امتلاك الموارد والقدرة على الحضور في الفضاء العام، يسهم في إعادة تشكيل الصورة النمطية المرتبطة بأدوار النساء، ويساعدهن في لعب دور فاعل في بناء الوطن والمشاركة في الحياة العامة.
أهمية التمكين الاقتصادي
وفي الجلسة الحوارية الرئيسة، أكدت نائبة الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، نسرين السيد، أهمية التمكين الاقتصادي كمدخل أساسي لجميع مجالات التمكين الأخرى، وعلى رأسها التمكين السياسي.
وأشارت السيد إلى أن العديد من النساء يواجهن صعوبات اقتصادية تحول دون ترشحهن للمجالس المنتخبة أو الوصول إلى مواقع صنع القرار، في ظل غياب الدعم المالي والتمويل الكافي، ما يجعلهن عرضة للابتزاز والعنف المالي، ويحول دون تحقيق مشاركة حقيقية.
وبينت أن اللجنة الوطنية عملت خلال الفترة الماضية على مراجعة الأطر التشريعية الناظمة لبيئة العمل خاصة عمل النساء، سواء كنّ عاملات أو صاحبات أعمال أو رائدات مشاريع، بهدف رصد التشريعات التي تتضمن تمييزًا ضمنيًا ضد النساء واقتراح التعديلات المطلوبة.
كما أشارت إلى الجهود التي بذلت لتعريف “المؤسسات المملوكة للنساء” كخطوة ضرورية لتوجيه الدعم والإقراض والتسهيلات إليها، موضحة أن التعريف المعتمد ينص على أن المؤسسة تعد مملوكة لنساء إذا كانت المرأة تمتلك ما لا يقل عن 51 % من رأس المال.
ولفتت إلى أنه تم اعتماد هذا التعريف من مجلس الوزراء وأحيل إلى وزارة الصناعة والتجارة، وهو الآن قيد التنفيذ من خلال السجل التجاري، وأوضحت بأن اللجنة تعمل على تطوير منصة إلكترونية ضمن “مرصد المرأة الأردنية”، تهدف إلى توفير قاعدة بيانات للمؤسسات التي تملكها أو تديرها نساء، وتعرض جميع أشكال الدعم المتاحة لها.
وفيما يتعلق بالقطاع الخاص، أوضحت السيد بأن معايير ومتطلبات محددة وضعت لمنح منشآت القطاع الخاص شهادة الختم وفق الأطر القانونية المعمول بها، وبحسب حجمها وطبيعة عملها، مع ربط ذلك بمنحها أيضا مجموعة من الحوافز لتشجيعها على تبني السياسات الإدارية والقانونية اللازمة.
تعديلات تشريعية
من جهتها، استعرضت الخبيرة القانونية فداء الحمود، والعضو في الفريق القانوني للجنة الوطنية للمرأة، أهم التعديلات التشريعية المرتبطة ببيئة العمل، خاصة التعديلات التي طرأت على قانون العمل في 2019 و2023، مشيرة إلى أن قانون العمل شهد تعديلات مهمة خلال الأعوام الأخيرة، أبرزها إدخال مفهوم التمييز في الأجر على أساس “العمل ذي القيمة المتساوية”، وهو ما يشكل اعترافًا صريحًا بوجود فجوة تشريعية سابقة.
كما تناولت الحمود التعديلات المقترحة على المشروع المعدل لقانون العمل، وما طرأ من تعديلات أيضا على المادة 12 من قانون العمل التي سمحت لأبناء الأردنيات بالعمل دون تصريح، ودعت إلى شمولهم بالمهن المغلقة لضمان تكافؤ الفرص في التعديلات المقبلة.
كما دعت إلى أهمية إقرار التعديل المقترح على المادة 27 من القانون، لتشمل حماية النساء الحوامل من الفصل من أول يوم في الحمل، بدلًا من اقتصار الحماية على الشهر السادس فقط.
وأشارت الحمود، إلى أهمية رفع إجازة الأبوة من 3 إلى 10 أيام، وتمديد إجازة الأمومة إلى 90 يومًا، بما يعزز العدالة الأسرية ويخفف العبء الرعائي عن النساء.
الاعتراف بإنتاجية المرأة
وفي السياق، أوضحت الدكتورة ميسون العتوم في مداخلتها حول تأصيل مفهوم عمل المرأة من منظور النوع الاجتماعي، أن اختزال المرأة في أدوارها الإنجابية فقط يشكل انتقاصًا من مواطنتها الكاملة.
ودعت إلى الاعتراف بالمرأة كمواطنة منتجة، تساهم في الحياة الاقتصادية والثقافية والسياسية، ولا يمكن فصل تمكينها الاقتصادي عن دورها في بناء الدولة والمجتمع.
وأكدت أن الحديث عن حقوق المرأة يجب أن يتأسس على رؤية عادلة وشاملة للنوع الاجتماعي، تضمن العدالة والمساواة في كافة المجالات.