Saturday 27th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Mar-2024

الأديب بسام سعيد عرار: على المثقف التعامل مع تحديات الواقع والانتصار للحق والنور الذي يشق ظلمات الحياة

 الدستور- نضال برقان

ما بين أسئلة المشهد الثقافي المحلي من جانب، والمشهد الثقافي العربي من جانب آخر، نطوف بمعية أحد كتابنا المبدعين، هو أو إحدى كاتباتنا المبدعات، مما يتيح لنا سبر أغوار مشاغل ومختبرات المبدعين، والاستماع لأصواتهم الداخلية، ورؤية المشهد الثقافي من حيث ينظرون، وصولا إلى تحقيق فهم وتفاعل وتواصل أكثر إيجابية بين الطرفين، إضافة إلى محاولة جادة لتحريك الساكن في المشهد الثقافي وجعله أكثر تفاعلا وتأثيرا ...
وفي الحوارية الآتية نحلّ ضيوفا على الأديب بسام سعيد عرار...
 هيئات ثقافية كثيرة من حيث العدد، في مختلف مدن المملكة، منها ما هو رسمي ومنها ما هو أهلي، ترى، وبحسب ما ترى شخصيا، ما مدى فعالية تلك المؤسسات، بوصفها مراكز تنوير وتثقيف، على أرض الواقع؟ ومن ثَمّ كيف تنظر إلى وزارة الثقافة وما تقوم به بهذا الصدد؟
– الهيئات الثقافية معنيّة في الارتقاء بالمشهد الثقافي وإثراء الساحة الأدبية وديمومة الفعل الثقافي والنهوض به، تحتضن الفعاليات ومختلف الحقول الإبداعية بكل مكوناتها وأشكالها، كذلة فإن الثقافة فعل بناء وتنمية وإنتاج بما تمثله من معارف وعلوم وكفاءات، إضافة إلى تشجيع العمل التطوعي والمبادرات الإبداعية وفق الأهداف المرجوّة، مع أهمية معالجة المعيقات والتحديات التي تعترض عملها..
وبالنظر إلى وضع الهيئات الثقافية ذلك ليس على سبيل التعميم وضد الكثرة في سياقها وأهدافها المتوخاة ولكن بالنظر إلى وضعها الحالي فإن القلّة المنظمة أفضل من الكثرة المبعثرة، ما يتطلب التشبيك والتعاون والالتحام الثقافي الصادق والراقي، وأهمية التنسيق وإذا تطلب الاندماج ما أمكن خاصة بين الهيئات المتشابهة وتوحيد الجهود لتعزيز القدرة على إقامة أنشطة وفعاليات ناجزة، والتركيز على الشأن الثقافي بعيدا عن أي اعتبارات شخصية ضيقة لا تخدم روح الثقافة وقضاياها الهامة.. وعلى أن يتم التواصل والتفاعل والدور التشاركي التكاملي بين الجهات الأهلية والرسمية مع وزارة الثقافة وتقديم النظام الداخلي واللوائح والبرامج النوعية والملاحظات وآفاق العمل بكل شفافية ووضوح، كذلك أهمية تشكيل لجان فاعلة تعنى بالفعاليات والحضور والمتابعة ومواكبة ودعم المواهب والطاقات الواعدة، والاستفادة من التجارب الناجزة، وأهمية دور وزارة الثقافة في دعم الهيئات الثقافية وفق البرامج والعطاء وتقييم الأداء والإسهامات والرؤى الجادة بالخصوص، ودعم المشاريع الثقافية الكبرى، وتوفير المرافق والنتاجات وإمكانيات الوزارة من أجل النهوض بالمشهد الحضاري والإنساني والمساهمة الإيجابية في نشأة الضمير والوعي الجمعي وبناء مجتمع الثقافة والعلم.
 تحديات جمّة تواجهها المجتمعات العربية، ثقافيا وسياسيا واجتماعيا، ترى هل تنتظر دورا ما للمثقف، في (الاشتباك) مع تلك التحديات، أم لعلها ليست مسؤوليته؟
– كان وسيبقى للمثقف الدور الفاعل والمهم إزاء التحديات والأحداث والمستجدات والأزمات التي تواجه المجتمعات، والوقوف على اللحظة الفارقة والمصيرية ومآلاتها، ودوره المائز إزاء القضايا الكبرى ومدى تحقيق الأهداف العليا والتحولات، والجهد التراكمي والإبداعات الواعدة، وإزاء ما يشهده الواقع المائز والصعب من حالة الخلط والتداعيات والمعيقات بكل مفارقاتها، يستدعي هذا بالضرورة البحث عن الفرص والحلول وعن أنجع السبل والأشكال والآفاق الأرحب لواقع يفوق واقعه للذي سوف يجيء... وإذا كان من ضعف أو تردد يتعلق بدور المثقف إزاء الراهن والمستقبل، وإن لم يكن لهذا الدور قدم السبق بمنظومة فكرية متكاملة وبناء المشروع الثقافي والوطني بكل أبعاده وتجلياته نقدا وتطويرا، قولا وعملا، مظهرا ومخبرا، وصون البلاد والإنسان، فهذا من الدروس والمراجعات التي يجب التوقف عندها من قبل جميع المعنيين، وإعادة النظر بمفهوم المثقف وتوجيه أدواره.
 ما مفهوم الكاتب الملتزم مجتمعيا في نظرك؟
- الكاتب الملتزم لا ينفصم عن المجتمع فهو منه وإليه، مهموم بهموم وقضايا المجتمع، وهو المنافح عن قيم الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، مع كشف الزيف والباطل، ومواجهة القوى الظلامية، والبحث عن الهوية الثقافية والمجتمعية، وإبراز الحس الوطني والإنساني، وتطلعات الشعب بعيدا عن الفساد والطغيان والظلم، كذلك النزاهة والشفافية وأداء الواجب، وتقديم النافع والمفيد بعيدا عن النفاق والتعالي، مع أهمية الخروج من دائرة الجمود والنمطية الممجوجة والسطحية الفارغة وشرنقة التقوقع وردات الفعل القاصرة، على المثقف التعامل مع تحديات الواقع وولوج المسارات الفاعلة والريادية، والتحليق المستمر والسعي الحثيث حتى يعانق بياض الأفق ورقاب اليقين، والانتصار للحق والنور الذي يشق ظلمات الحياة.
 عدوان شرس وطاحن ارتكبه الاحتلال الصّهيونيّ في غزّة، ترى ما إمكانية أن يُحدِث ذلك تحوّلا في مشهديّة الثّقافة والإبداع في الوطن العربيّ؟
– القضية الفلسطينية هي قضية حق وواجب وكرامة إنسانية وعدالة ومقدسات، الأرض والإنسان، جرح نازف يدمي القلب، حريّ بالمثقف الانتصار للحق والحقيقة وتعرية العدو الغاشم عدو الحياة يستهدف البشر والشجر والحجر وكل مظاهر الحياة والإنسانية، وكشف زيف الاحتلال العنصري البغيض ومخططاته الخبيثة، ومزاعمه الباطلة، وممارساته على مرأى ومسمع النظام العالمي والرأي العام، والانتصار للدماء الزكية وصمود الشعب الفلسطيني، وإبداعاته وتضحياته الواعدة على ذمة الدهر، وحقه الذي لا يسقط بالتقادم، ويتطلب ذلك مشاركة هموم الوطن والأمة والإنسانية ومتابعة الويلات والنكبات والمفاجآت، والعمل على تقديم العون والمساعدة، وإدراك كل ما يتعلق بالحدث، والتعبير بأشكال وأساليب وحقول الإبداع المختلفة عما يختلج في النفس وكينونة الإنسان، كذلك أهوال الواقع والشواهد الماثلة، كل ذلك مخاضات وتجليات لحروف وأعمال وبواكير لولادة جديدة تمثل نبض الإنسان والأوطان والحب، عساها النهاية لحكايتنا برسم الفرح.
 كيف ترى واقع الأدباء الشباب في الأردن؟ وبحكم تجربتك الأدبية الممتدة، هل من كلمة تقولها لهم؟
ج – من خلال الفعاليات والإصدارات والدوريات المقروءة والمرئية والمسموعة نلاحظ وجود قدرات وطاقات وملكات ووجوه شبابية واعدة، تعبّر عن فنون وأشكال إبداعية، وأجناس أدبية متعددة، وحقول معرفية على مختلف الأصعدة، تحفل بالانطلاق والزاد الحيوي الممتد، ما يتطلب مزيدا من الجهود والارتقاء والمضي قدما إلى الأمام دائما..
الشباب هم المرحلة العمرية الفارقة وهم العدّة والعماد والأمل ولأن دورهم الحضاري على امتداد الزمان والمكان واستشراف المستقبل يشكل الرافعة وبما يساهم في تحقيق الأهداف المنشودة تجاه قضايا ومصائر مجتمعهم وأمتهم وإنسانيتهم، وبالنظر إلى أهمية تمكين الشباب ودورهم في التنمية المستدامة، وإحداث التحولات في جوانب الحياة المختلفة ما يتطلب السعي لرفع مستوى التعليم والوعي والمهارات وتوسيع الآفاق والمدارك العقلية، ومواكبة إيقاع الزمن والتسارع والمستجدات والمفهومات الحديثة، ومن خلال ردم الهوة بين القدرة على الابتكار والإبداع وبين التلقي والتقليد والتكرار، مع أهمية امتلاك الحافز والدافعية والشغف، وبما يحافظ على الشباب بعيدا عن التشتت والتسيب والضياع، وتبديد الوقت والقدرات والطاقات، كذلك الاهتمام بالصحة الجسمية والعقلية والنفسية والعاطفية، وأهمية انخراط الشباب في المشاريع التنموية والإنتاجية، وتعزيز دور الشباب من خلال المبادرات التفاعلية والأعمال التطوعية التي تطال الخدمات العامة وبما يترك الأثر الإيجابي، كذلك المساهمة الفاعلة في المنظومات والقنوات والفعاليات الشبابية المحلية والعالمية والإنسانية، والانفتاح على الثقافات وتنمية العلاقات والتعاون بين الأمم، مع أهمية العمل على تحقيق الذات والدور الإيجابي من قبل الشباب، والتمسك بالحقوق والكرامة الإنسانية وبما يحقق حرية الآخرين، والواجبات تجاه المجتمع، والاعتدال في الحياة بما يبعث على الأمان والسلم المجتمعي، والحياة المتجددة، وعظمة الإنسانية، عسى الحياة تزهر وتأتلق دائما بين أيادي الشباب ديمومة نقاء وبهاء وعطاء وارتقاء وسعادة.. وأهمس للشباب بأن خوابي الجعاب ملأى وحافلة بلا عدد لمن أراد أن يتزود على دروب الحياة.
 في ظل العصر الحالي، ما هو الجنس الأدبي الذي تعتقد أنه وبجدارة، أثبت أنه (ديوان العرب)، ولماذا؟
– نجد من يرى أن الشعر هو ديوان العرب، وثمة من يرى في الرواية ديوان العرب، وهناك من يرى القصة هي ديوان العرب، وآخر يرى أن النثر هو ديوان العرب بكل ما تمثله فنون القول الزاخرة الشعورية والمعرفية على امتداد الزمان والمكان والآفاق الأرحب، وأرى أن هذا وذاك هو ديوان العرب فاللغة العربية الجميلة واسعة وليست قاصرة، وثمة ذاكرة مشتركة، ومخاض لولادة توأمية جديدة، وثمة طروس لم تكتب بعد، وهذا لا يعني الانتقاص من الشعر أو أي جنس ثقافي أدبي أو علمي معرفي، بأسمى تجلياته ووظائفه ومضامينه ومعانيه الإنسانية الأرقى، فما زال قائما في القلب والفكر والروح لا يسود المطلق نوره وظلامه، خيره وشره، في سنن التكوين والتجدد
* ماذا عن انشغالاتك الراهنة؟ ماذا تقرأ؟ ماذا تكتب؟
انشغالاتي هي الواقع والحال وتحدياته وهمومه وكل ما يتعرض له على امتداد الوطن والأمة والإنسانية جمعاء، وأتابع ذلك بكل الوسائل المتاحة المقروءة والمسموعة والمرئية، وبصدد الكتابة من خلال المقال والشعر حول الواقع ديمومة بقاء وارتقاء واستشراف آفاق المستقبل بالرغم من المحن والمعيقات والعثرات، وأبحث عن النص المفعم بالقيمة الفنية والجودة الأدبية والعاطفة الصادقة والمضامين الأرقى والحلول، عالي الروح والحس الإنساني الفريد، وأعمل على إصدار أدبي بحلة جديدة لا تشبه غيرها.. وبما يحس به القلب ويعتمل الفكر وينثال موطن الروح..