Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Nov-2017

الأطفال السوريون... وإعادة إعمار سورية - رومان حداد

الراي -  لا بد أن يظهر مصطلح إعادة إعمار سورية في الفترة القادمة بصورة كثيفة في الإعلام، وكلما اقتربت ملامح الحل السياسي في سورية كلما ازداد الحديث عن إعادة إعمارها، ولكن المشكلة أن إعادة الإعمار تطال الحجر ولا تطال البشر، وفي هذا الإطار أود وضع قضية أطفال سورية في بؤرة حدث إعادة الإعمار السورية، وسأضرب مثالاً حول التحديات الصحية التي واجهها أطفال سورية خلال الحرب الدائرة هناك، منذ بدايات الأزمة عام 2011.

فقد تعرّض القطاع الصحي إلى انتكاسات خطيرة منذ بدء الأزمة في سورية في عام 2011 ،حيث تم استهداف المشافي والمراكز الصحية، كما تم استهداف العاملين في القطاع الصحي، إضافة إلى منع وصول الأدوية والتجهيزات الطبية إلى المناطق المحاصرة ومناطق الاشتباكات.
ومنذ بداية الأزمة وحتى آذار 2015 تم توثيق 233 هجوماً على مرافق طبية، كما قُتل 610 أشخاص من العاملين في القطاع الصحي، ويرتبط القطاع الصحي بحالة الأطفال بشكل مباشر، حيث يتأثّر الأطفال، وخاصة تحت سن الخامسة بالأمراض والإصابات، بما فيها النفسية، بشكل يختلف عن الكبار، ويمكن أن تُخلّف آثاراً طويلة المدى في حالة عدم علاجها في الوقت المناسب.
كما أدّى الحصار الكلي أو الجزئي الذي تم فرضه على عدد كبير من المناطق إلى منع وصول المواد الغذائية والصحية، بما في ذلك المواد اللازمة للأطفال، وقد بدأ تطبيق سياسة الحصار الجماعي في سورية منذ بداية الاحتجاجات الشعبية في 2011/3/15حيث تم فرض حصار كامل على محافظة درعا، ومنع الدخول والخروج منها، كما قطعت الإمدادات الغذائية والصحية، وقطع إمدادات الكهرباء والماء والهاتف، واستمر الحصار إلى نهاية الشهر التالي. حيث كانت درعا هي الحالة الأولى التي يتم فيها تطبيق هذه السياسة.
وخلال الأزمة السورية تأثر الأطفال حديثي الولادة باعتبارهم الحلقة الأضعف بين الأطفال، والذين يُشكلون الفئة الأَوْلى بالرعاية من بين الفئات السكانية الأخرى.
وقد أدّى انقطاع التيار الكهربائي عن الحاضنات إلى عدد كبير من الوفيات بين الخدج، كما أدّى انقطاع الأدوية وغياب الخدمات الصحية في عدد من المناطق، وخاصة المحاصرة منها، إلى ولادة أطفال مشوّهين.
كما أجبرت الكثير من الأمهات الحوامل على إنجاب أطفالهن على حواجز التفتيش التابعة للنظام السوري، حيث لم يسمح لهن بالمرور من أجل الوصول إلى مراكز صحية مناسبة، وبطبيعة الحال فإنّ عمليات الوضع تتم دون أي رعاية صحية، ودون مسكّنات للألم.
 
كما واجهت عملية توزيع اللقاحات على الأطفال السوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام مصدراً لتفاقم الأزمة الصحية، نظراً لغياب جهة واحدة تسيطر على كامل هذه المناطق، وعدم قدرة المنظمات الدولية على الدخول إليها، وعدم وجود جهة معترف بها دولياً ليتم تسليمها هذه اللقاحات، وهو الأمر الذي منع تقديم اللقاحات الخاصة بشلل الأطفال في عام 2013 لأكثر من شهر، نظراً لأن منظمة الصحة العالمية التي تقدم اللقاح ومنظمة اليونيسف التي ترعى توزيعه لا تتعامل مع الجهات السياسية خارج منظومة الحكومات المعترف بها.
 
وعادت العديد من الأمراض والأوبئة للظهور في سورية، بعد أن تمّ التغلب على معظمها في سورية منذ فترة طويلة، وبعضها قاربت على الاختفاء من العالم. ويعود سبب ظهور هذه الأمراض إلى التلوث البيئي الذي تشهده العديد من المناطق، حيث تتراكم القمامة بشكل كبير في معظم المدن، إضافة إلى دمار معظم شبكة الصرف الصحي بسبب القصف، وانقطاع حملات التعقيم المضادة للبعوض، وتعليق برامج التلقيح، إضافة إلى ضعف الخدمات الطبية.
 
ويُلاحظ أن معظم الأمراض انتشرت في الجزء الشمالي الشرقي من سورية، وهي المناطق التي كانت تشكو أصلاً من ضعف الخدمات الطبية قبل عام 2011 ،وتعود معظم التجهيزات الطبية فيها إلى الخمسينيات من القرن الماضي.
 
ومن أبرز الأمراض التي ظهرت في سورية خلال السنوات الماضية مرض التيفوئيد، حيث عاد هذا المرض للظهور في سورية بعد اختفائه منها، حيث سُجّلت أوائلُ الحالات في نهاية عام 2012 ،إلا أن عام 2013 سجّل انتشاراً واسعاً للمرض. ففي شهر شباط 2013 أعلنت منظمة الصحة العالمية عن تسجيل 2500 حالة إصابة في محافظة دير الزور وحدها.
 
كما عاود مرض شلل الأطفال الظهور في سورية في عام 2013 ،بعد أن تم القضاء على آخر حالة منه في عام 1995 ،ولم يعد موجوداً في العالم إلا في ثلاث دول.
وسَجّل مرض السّل حالاتٍ قياسية في سورية خلال العام 2013 و2014 .كان معظمها في مدينة حلب، وفي داخل السجون، حيث تم توثيق مقتل العديد من السجناء بسبب المرض.
وقد عاد مرضُ اللشمانيا (والذي يُعرف باسم حبّة حلب) للظهور في سورية بشكل واسع في عام 2013 ،وسجّلت مئات من الحالات، وخاصة في دير الزور وحلب وريف دمشق.
 
كما ظهر مرض التهاب الكبد الفيروسي، وهو من الأمراض شديدة العدوى، ويَكثُر انتشارُه بين الأطفال؛ وفي المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. ويمكن أن يؤدّي المرض حسب أنواعه إلى تلفٍ في الكبد أو حتّى إلى الموت. وقد ظهر بكثافة في محافظات دير الزور والحسكة والرقة على وجه الخصوص.
أما أبرز ما تسبّبت به الأعمال العسكرية في سورية، والاستخدام المكثّف للمتفجرات، وخاصة البراميل المتفجرة، فهو تزايد أعداد الإعاقات بشكل كبير جداً في المجتمع السوري.
 
ولا توجد إحصاءات أو تقديرات دولية لعدد الأشخاص ذوي الإعاقة، أو نسبة تزايد هذه الحالات، ويصعب الحصول على أي تقديرات في الفترة الحالية ، ولكن من المعتقد أن كل قتيل في سورية، يُقابله خمسة جرحى على الأقل، واحد منهم على الأقل قد تتحول جراحه إلى إعاقة دائمة، خاصة بين الأطفال، في غياب شبه كامل للخدمات الطبية الحقيقية.
 
وكمثال فإنّ سجّلت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 13589 شخصاً يحمل إعاقة بين اللاجئين السوريين في الأردن، أي ما يُعادل .14/3/2015 حتى اللاجئين من% 2.2 والسؤال هل يمكن لهؤلاء الأطفال أن يستفيدوا من إعادة إعمار سورية أم أنهم نالوا حصتهم من الدمار، ولا حصة لهم في الإعمار، سؤال يفتح الأعين لترى الإعمار بصورة أعمق، بحيث ترتبط بعمران البشر وليس بإعمار الحجر فقط.