Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Nov-2017

لا تتركوا «المحروسة».. وحيدة - محمد خروب

 الراي - جاوز المجرمون والقتلة التكفيريون المدى، ولم يعد ارهابهم الأعمى الذي ضرب الصوفيين في مسجد قرية الروضة في محافظة شمالي سيناء، يتكئ على اي مبرّر ديني او سياسي او اخلاقي – كما هو على الدوام لا مبرر لدمويته وبربريته ــــ ويتجاوز المشهد الدموي الذي فاق كل جريمة, عداء جماعات الاسلام السياسي للنظام في مصر او محاولة ارجاعنا الى ما قبل الرابع عشر من آب 2013 عندما تم فضّ تمرّدي رابعة العدوية والنهضة في القاهرة واطاحة نظام الاخوان المسلمين في مصر, وما تلاها من احداث سياسية متلاحقة افضت الى زج رموز النظام الاخواني في السجون وتصدّع صفوفهم, وبالتالي إمساك المتشددين في خلاياهم النائمة بالقرار على نحو أسهم في قيامهم بعمليات ارهابية طالت مدنيين, مسلمين وخصوصا مسيحيين واماكن عباداتهم في مسعى فاشل لإحداث فتنة طائفية بين عُنصري الأمة إضافة الى استهداف مراكز للشرطة وموظفين عموميين ورجال قضاء, وكانت حركة «حسم» (حركة سواعد مصر) الإرهابية هي الابرز في هذا الاتجاه, منذ اعلنت «أولى» عملياتها الارهابية قبل عام ونيف من الان (16 /7 /2016 (مُبررة بداية مشوارها الدموي بانه ضد ما وصفته «الاحتلال العسكري والميليشيات التابعة».

وعلى رغم محدودية الأثر الذي تركته عمليات «حسم» الارهابية في برّ مصر, رغم دمويته وسقوط ضحايا بريئة من رجال الشرطة والمدنيين, إلاّ ان الخطر الاكبر للارهاب ما يزال متمركزاً في شبه جزيرة سيناء وبالتحديد في محافظتها الشمالية, وإن كان انحسر وتلقّى ضربات موجعة في العريش والشيخ زويد، إلاّ ان نزوعه الشيطاني واستهدافه الاخير لمسجد الصوفيين في تلك القرية الوادعة المسماة «الروضة», كشف عن دمويته الموصوفة وخروجه على اي مألوف او اعراف او اخلاق او دين سماوي أو «وضّعِي».
 
ما يمنح وبالضرورة الفرصة لكل من لا يزال يتوهَّم ان هؤلاء الخوارج انما يحملون فكراً دينياً وقراءة معينة للدين الاسلامي، كي يثوبوا الى رشدهم ويكفّوا عن سوق التبريرات والاعذار لك لهذه الفئة الضالة, التي غيّرت راياتها واستبدلَت مُسمياتِها وارتمت اخيراً في حضن داعش، ضاربة عرض الحائط بكل خطابها التكفيري السابق الذي اتكأت عليه عندما كانت تحمل اسم «بيت المقدس» في محاولة للتغرير والايقاع بالبسطاء، والزعم ان هدفها هو محاربة اسرائيل واعداء الاسلام وغيرها مما تلهج بها زوراً.. السنتهم، لكنهم يخفون اهدافاً خبيثة ويستهدفون تمزيق الأمة واستعبادها واستعادة إرث وتاريخ المستعمِرين وفي مقدمتهم دولة العدو الصهيوني الذي سيتضح لاحقاً – وكما كانت اسرائيل على الدوام – مدى دعمها وترحيبها وترويجها لخطاب داعش في كل الساحات التي ظهر عليها وبطش بأهلها وناسها وبخاصة المدنيين منهم, وخصوصاً في سوريا والعراق ودائماً في سيناء (دع عنك ليبيا واليمن وباكستان ونيجيريا وتونس والجزائر التي يسعى الى إشعال اجوائها, بعد ان نجح الجزائريون وبثمن باهظ ومخيف في طي صفحة العشرية السوداء, وايضاً بعد ان سجّل السوريون والعراقيون اسطراً مجيدة في سِفر محاربة هؤلاء القتلة).
 
مصر هي الجائزة الكبرى التي ما يزال اعداء الأمة والمتربصون بها ينتظرون الفوز بها, رغم كل ما يحفل به خطابهم من نفاق وما تفيض به تصريحاتهم الكاذبة من مفردات ومصطلحات لا تتجاوز حدود البروتوكول والدبلوماسية الفارغة، بدءاً من واشنطن وليس انتهاء ببعض العرب الذين يُبدون شماتة وتفوح من رائحة استنكاراتهم وتنديداتهم معانِ الفرح والتشفي, لأن مصر ترفض الانسياق خلف في عواصم عربية وغير عربية معروفة, يأملون باستعادة المبادرة وإعادة مسلسل الرعب واستنقاذ مرتزقتهم وادواتهم في داعش حفلة الجنون والعدمية التي بدأت تفرض نفسها على المشهد العربي منذ سبعة اعوام, وما يزال بعض الرُعاة والمموِّلين والمُشغِلين وجبهة النصرة واحرار الشام وغيرها من الفصائل الارهابية, التي استولدتها غرفهم السوداء بالتنسيق مع اسرائيل والوكالات الاستخبارية الاستعمارية الغربية.
 
ليس شعراً او رغبة برفع المعنويات او تزجية الوقت والكلمات القول: ان مصر وشعبها العظيم اقوى واكثر متانة وقدرة على التحمل من ان تصيبهم في يأس مثل هذه الاعمال الاجرامية, وان «المحروسة» وارض الكنانة كانت وستبقى القائدة والرائدة والجامعة للأمة العربية, وبدونها لا يمكن للأمة ان تستعيد دورها او ان تنهض من جديد او يُسمح لشعوبها ازالة ما علِق بها من غبار او غباء سياسي, او محاولة لقطع عراها عن محيطها العربي واختيار العزلة والانكفاء والتحلّل من قضايا الأمة العربية وادارة ظهرها لأزماتهم، كما حصل منذ سبعينيات القرن الماضي, الى ان انتفض شعب مصر واطلق ثورته المجيدة في الخامس والعشرين من يناير 2011.
 
صحيح ان انتكاسة اصابت هذه الثورة الشعبية العظيمة, عندما سرقها الاخوان المسلمون وارادوا أخذها الى مربعات تحالفاتهم المُريبة ومخططاتهم الجاهزة المشبوهة، إلاّ ان مصر ستبقى «عامود» البيت العروبي وحصن العروبة المكين, الذي لن يُقهَر مهما تآمر عليه اعداء الأمة او ادواتهم في الداخل.. فلا تتركوا المحروسة.. وحيدة. إذ حان الوقت كي تُترجَم الأقوال الى افعال. وان يُدرِك الذين يظنّون انهم بمنأى عن الحرائق المشتعلة في بلاد العرب, انها ستصِلهم..طال الوقت أم قَصُر