Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Jan-2020

موعد مع الله*بلال حسن التل

 الراي

لأن موعد طائرته كان مع بزوغ الفجر، فقد اتخذ كل احتياطاته حتى لا يفوته الموعد، وأول ذلك أنه اتفق مع عدد من أصدقائه كل منفرد عن الآخر على الاتصال به وإيقاظه، حتى لايفوته موعد الطائرة، وقد فعل نفس الشيء مع أفراد أسرته، ولمزيد من الدقة وقّت ساعة هاتفه النقال وساعة الحائط في غرفة النوم، وغير ذلك من الوسائل التي ضمنت وصوله إلى المطار قبل الموعد المحدد، ومن ثم فقد ضمن موعد الطائرة لكنه في خضم ذلك كله نسي موعد صلاة الفجر.
 
في مرة ثانية حُدد له موعد مع مسؤول كبير، فاستعد لذلك بكل السبل، فلم يأخذ أي مواعيد عمل أو مواعيد خاصة في ذلك النهار، وقبل ذلك اشترى بدلة جديدة وتوابعها مما ظن أنه يليق بلقاء المسؤول الكبير، وطيلة الساعات التي سبقت موعد اللقاء كان ينظر إلى ساعته حتى يتاكد من أن وقت الموعد لم يفته لكنه نسي أن موعد صلاة الظهر قد فاته.
 
مرة ثالثة دعُي إلى مأدبة غداء، قيل له أنه سيكون عليها عدد كبير من المتنفذين سياسياً ومالياً، فأمضى وقته في جمع المعلومات عن ميول بعضهم، وما يحبه بعضهم الآخر، وسبل الوصول إلى قلب أحدهم وسبل رضى آخر، ولم يفته أن يعطر نفسه وثيابه بأغلى العطور، قبل أن يمضي إلى موعده مع المتنفذين وفي خضم انشغاله بمتابعة الجلوس حول الطاولة نسي صلاة العصر.
 
مرة أخرى تلقى دعوة لحفل استقبال في إحدى السفارات، التي يعلم أن القرب منها غنيمة، لذلك فإن حفلاتها تغص عادة بكل طالب صيد, ولأنه توقع أن تكون في منطقة الحفل أزمة سير خانقة، فقد حرص على الذهاب مبكراً حتى لايفوته شيء ولم يكترث لموعد المغرب.
 
من سلسلة مواعيده انشغل بموعد مهم، وأخذ كل الأسباب والسبل التي تمكنه من الوصول إلى الموعد المضروب، ولم ينتبه عندما نام قرير العين بعد انتهاء موعده أنه نسي صلاة العشاء.
 
أحتفل ببداية عام جديد بصخب ولهو أنساه الحقيقة الأزلية, وهي أنه خسر عاماً من عمره وأقتربت لحظة موعده مع خالقه دون أن يستعد لهذا الموعد.
 
أصابته ضائقة من محن الحياة، فانصرف عنه كل الذين كان يلهث إلى مواعيدهم ظناً منه أنهم سيفيدونه في قابل الأيام، وسيقفون معه في وجه عاديات الزمن، لكنه اكتشف أن ذلك كله سراب، عندها تذكر أن يلجأ إلى الله، وأن يدعوه، فوجد بابه مفتوحاً أمام كل الراغبين في ولوجه، فلام نفسه على أنه كان يخلف موعده مع الله خمس مرات في اليوم، حرصاً منه على مواعيد عبيد الله الذين أغلقوا أبوابهم في وجهه ليجد باب الله مفتوحاً أمامه، وهو الذي طالما أعرض عنه، فقرر أن لا يخلف موعده مع الله يوماً حتى لا يأتيه يوم القيامة مثقلاً بذنوبه وأولها عدم احترام الموعد.