Saturday 27th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Oct-2017

قطار «إستفتاء الإنفصال».. على أبواب «عدن»! - محمد خروب

 

الراي -  حُمّى الإستفتاءات الرامية الى الاستقلال وتلبية الطموحات القومية او تلك الشعوب التي ضاقت ذرعا بمصطلحات «الوحدة» المفروضة قسّرا، ما تزال تهدد باجتياح المزيد من بقاع العالم، اذ لم يعد استفتاء كردستان الآخذ بالتحول الى حرب دموية مفتوحة بين قوات الحكومة المركزية في بغداد وتلك المتمرسة في خنادق اقليم كردستان (تسميه انقرة اقليم شمال العراق ولا تعترف بكرديته) وبخاصة ان المتواجهين على جانبي المتراس وجدوا من «كركوك» ذريعة لتمرير خطابهم الداعي الى إعادة الاوضاع فيها الى ما قبل التاسع من حزيران 2014 ,وهو اليوم الذي سبق اجتياح داعش لمحافظة نينوى في اليوم التالي, وتقدُّم قوات البشمركة الكردية للسيطرة على المدينة الغنية بالنفط بذريعة حمايتها من داعش, ورفضهم بالتالي مغادرتها حتى بعد تحرير الموصل بل وشمولها في استفتاء الخامس والعشرين من ايلول الماضي, رغم تصنيفها من المناطق «المُتنازَع عليها» ورفض باقي المكونات العِرقية فيها وخصوصا العرب والتركمان المشاركة في الاستفتاء.

 
ما علينا.. جدل الاستفتاء الكردي ما يزال متواصلاً وبسخونة ملحوظة, وتبِعات استفتاء اقليم كتالونيا الإسباني, ما تزال موضِع اتهامات متبادلة بين اطراف الازمة التي اتسعت ودخلت نفق المجهول, بعد انحياز معظم اعضاء الاتحاد الأوروبي للرواية الإسبانية الرسمية, وخصوصاً لمخاوفهم من ان تُصيب عدوى «الانفصال» اقاليم عديدة في اوروبا الممزّقة, سواء بـ»الوحدات القسرية» التي شهدتها مع صعود الدولة القومية في القرنين الثامن والتاسع عشر, وخصوصاً بعد انتهاء الحرب الباردة (دول شرق اوروبا) أم باحتمالات تصدّع صيغة الاتحاد نفسها, التي تعرّضت لصدمة عنيفة واهتزازات ما تزال اصداؤها تتردد في جنبات هذا الاتحاد, بعد استفتاء «بريكست» البريطاني الذي يواجه تعنّتا مُتبادَلا من قِبل بروكسل ولندن على حد سواء.
 
قطار استفتاء الانفصال يبدو انه اقترب كثيرا وفي شكل متسارع من محطته «اليمنية», حيث شكّلت الاحتفالات بمناسبة الذكرى «54« لثورة 14 اكتوبر 1963 في جنوب اليمن, فرصة لِأنصار «فك الارتباط» مع شمال اليمن, في ضوء الاعلان المفاجِئ من قِبَل احد اقوى «شخصيات» الجنوب اليمني محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي, مِن على منصة احتفالات «14 «اكتوبر، قائلاً: إن المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تأسّس في أيّار الماضي, سيقوم قريباً بإجراء استفتاء شعبي في المحافظات الجنوبية حول الوحدة اليمنية. مُضيفاً: «نحن نُوصِل شعب الجنوب الى صندوق الاستفتاء للبقاء بالوحدة او الدولة الاتحادية او استعادة الدولة، وهذا حقه»، مُستطرِداً: نحن مهمتنا كمجلس انتقالي, ان نسير بالشعب الى ان يُقرّر مصيره بنفسه, والخيارات مفتوحة امامه» ختم عيدروس الزبيدي.
 
ما تستبطنه عبارات الرجل القوي (الجديد) في جنوب اليمن, واضح بشدة لصالح «استعادة الدولة القديمة», التي ذهب قادتها طواعية قبل أزيد من ربع قرن الى صنعاء لإقامة دولة الوحدة، والتي تعامل معها الأخ العقيد والرئيس العتيد الذي كان يستعد لنقل منصبه الى ابنه أحمد (العقيد ايضا) كـ(مُنتصِر), مُعتبِرا انه استولى على «غنيمة» فقام من فوره بتوزيعها على أنصاره وحلفائه وخصوصا حزب التجمع اليمني للاصلاح (الجناح اليمني من جماعة الاخوان المسلمين), فراحوا «جميعاً» يُعامِلون ابناء الجنوب كأسرى حرب او كمواطنين من الدرجة الثانية, والعمل ــ بلا كلل ــ من اجل إقصائهم عن كل مواقع القوة والمشاركة, بل واحالوا جيش الدولة اليمنية الجنوبية الى التقاعد والاستيداع والبطالة القاتلة.
 
واذ يعيش الشعب اليمني في محنة متواصلة ومعاناة لم تتوقف منذ ثلاثين شهراً( 26 آذار2015 ( وحرب تدمير لم تتوقف، فان الازمة السياسية التي تضرب صفوف ما يسمى «الشرعية» التي تم حصرها في شخص عبد ربه منصور هادي, الذي اعتمد عدن عاصمة مؤقتة له ولحكومته لكنه وحكومته لا يقيمان فيها ولا يمارسان اي دور يوحي بأنهما جادّان في التعاطي معها بصفتها تلك، بل والاكثر اثارة ولفتاً للانتباه ان عدن نفسها خضعت لسيطرة مشتركة من قبل تنظيمي داعش والقاعدة قبل ان ينجح الرافضون من الجنوبيين لشرعية هادي في تشكيل «المجلس الانتقالي الجنوبي» والسيطرة على معظم عدن, وبدعم من احدى دول التحالف العربي التي لا تُخفي مساندتها لتطلعات الجنوبيين في الإنفصال.
 
حكومة هادي التي يرأسها احمد بن دغر وجدت نفسها في وضع لا تحسد عليه, بعد ان فقدَت كل مقومات «الحكومة» ولم تجد من يساندها للاستقرار في عدن, التي يبدو انها لا تستطيع البقاء فيها حتى لو رغبت, ولهذا اكتفى بن دغر بالتحذير من «أي محاولة للاستيلاء على السلطة بالقوة في العاصمة المؤقتة عدن»، معتبِرا ان ذلك بمثابة «سقوط للجمهورية», مُكرِّراً الاسطوانة المشروخة عن ان «عدن للجميع والحكومة الشرعية ستقِف الى جانب أهلها في السرّاء والضرّاء». مصطلحات وأقوال العاجز الذي لا يملك ان يقدم البدائل والحلول المُقنِعة, بعد ان مضى بعيدا هو والرئيس «الشرعي» في ادارة ظهريهما لمطالب الجنوبيين, وخصوصا في اقصائهم واستبعادهم عن المشاركة وعن القرار, ولهذا فان «الأخيرين» باتوا يتوفرون على مصادر قوة ميدانية واخرى من احدى دول التحالف, بإعلانهم تأسيس «الجمعية الوطنية الجنوبية» كهيئة تشريعية مكونة من 303 أعضاء, تكون بمثابة البرلمان الجنوبي الذي سيرعى «دولة الجنوب» ويُكرِّسها (الجمعية الوطنية) سلطة أمر واقع, تتولى ترجمة نتائج «الاستفتاء» المُنتظَر, والتي نحسب انها محسومة لصالح «الإنفصال» والإستفتاء سيجري حتماً في وقت قريب يختاره «المجلس الانتقالي», الذي بات مُمسِكاً بالسلطة «الفعلية» في محافظات الجنوب وخصوصاً... «عدن».
kharroub@jpf.com.jo