الغد-هآرتس
بقلم: الوف بن 12/3/2025
وقف إطلاق النار في غزة وإمكانية أن تفرض إدارة ترامب على إسرائيل هدنة مع حماس، تشطب من جدول الأعمال استئناف الحرب وإعادة نظام نتنياهو للدفع قدما بالانقلاب الداخلي. إن تأسيس دكتاتورية دينية على انقاض الديمقراطية النازفة لإسرائيل، كان وما يزال الجهد الأساسي للحكومة، وهي تتوجه إليه مجددا بنفس الحماس والتصميم مثلما كان في الأيام الأولى وامام قدر اقل من الاحتجاج والمعارضة.
اذا نجحوا كيف ستبدو الدولة اليهودية الدكتاتورية لبنيامين نتنياهو وياريف لفين؟ رغم أن الوزير نير بركات يسمي رئيس الحكومة "الزعيم الأعلى"، إلا أنه يصعب تخيل إسرائيل مثل كوريا الشمالية أو ايران، ومن يعارضون النظام يتم اعتقالهم في سديه تيمان بدلا من الاسرى الفلسطينيين. ربما هذا فقط هو أمنية، مع ذلك، يبدو أن النظام البيبي سيفضل الاعتماد على الخضوع المدني والمطالبة بالاخلاص الأيديولوجي وليس على العنف المكشوف.
فاتسلاف هابل، الكاتب المسرحي الذي حارب ضد النظام الشيوعي في تشيكوسلوفاكيا وتم انتخابه كرئيس أول لها عندما أصبحت دولة ديمقراطية، وصف في مقال سري له في العام 1978 "قوة عديمي القوة". وصف كيف يعمل جهاز القمع. البطل كان بائع خضراوات علق في دكانه، بين البصل والجزر، لافتة عليها شعار الماركسية، "يا عمال العالم، اتحدوا".
هل بائع الخضراوات حقا متحمس من الوحدة بين عمال العالم؟ لا، كتب هابل، هو تسلم اللافتة من المسؤولين عنه وعلقها كي يظهر الامتثال ويتجنب المشاكل. "لو أن بائع الخضراوات كان سيتسلم تعليمات بأن يعرض شعار، "أنا خائف، ولذلك أنا امتثل بدون طرح أسئلة"، لما كان سيكون لا مباليا لدلالات هذا الشعار رغم أنه كان يعكس الحقيقة. بائع الخضراوات كان سيخجل من أن يضع إعلان قاطع لإهانته على نافذة محله"، كتب هابل، والتفكير يذهب بعيدا ليصل الى شخصيات حالية مثل بركات أو الرئيس اسحق هرتسوغ، رموز الخضوع للبيبية.
لكن النظام لم يرغب في إهانة بائع الخضراوات، بل فقط يريد اخضاعه. لذلك، قام بتغليف الإهانة بغلاف أيديولوجي. "الأيديولوجيا"، قال هابل، "هي طريق مضللة للنظر الى العالم. هي تمنح الناس وهم الهوية والكرامة والأخلاق، في حين تسهل عليهم الانفصال عنها: هي تعويذة يمكن للناس إخفاء وجودهم الهابط خلفها واستخفافهم وتكيفهم مع الوضع القائم. "هذه ذريعة يمكن لأي شخص أن يستخدمها، بدءا من بائع الخضراوات الذي يخفي خوفه من فقدان عمله خلف مصلحة مفترضة في توحيد عمال العالم الى المسؤول الأعلى الذي يريد البقاء في السلطة".
كليشيهات القومية اليهودية المتطرفة في إسرائيل، بدءا من "معا سننتصر" وحتى آيات مطاردة العدو التي أطلقها رئيس الأركان الجديد ايال زمير، تعمل بالضبط مثل لافتة بائع الخضراوات من براغ. فهي تستهدف تحديد الذين لا يخضعون لأوامر السلطة، ويتجرأون على التشكيك أو المعارضة. تحديد رئيس الشباك رونين بار، والحاصل على جائزة الاوسكار يوفال ابراهام، والمستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا، والممثل الارتجالي نضال بدارنة.
جميعهم يزعجون السيطرة البيبية، مثل الجزر المستقلة التي بقيت في المسرح والسينما والاكاديميا ووسائل الاعلام. وكلما تقدم انقلاب نتنياهو فان المزيد من الإسرائيليين سيقفون امام الاختيار بين إما تعليق اللافتة أو رفض المخاطرة بالإقالة والمقاطعة لليهود والتحقيق والاعتقال للعرب.