Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Dec-2017

ارفعوا أيديكم عن هذا المجلس! - د. زيد حمزة

 الراي - قبل خمسة وثلاثين عاماً وبهذا العنوان المقتحِم خاطبت في (الرأي) 27 /12 /1982 المجلس الوطني الاستشاري الذي كان يومها بديلا غير ديمقراطي لمجلس النواب محذراً من مغبة تدخل بعض اعضائه بمحاولة غير موضوعية وغير مسؤولة لوأد (المجلس الطبي الاردني) الذي كانت وزارة الصحة قد شكلته لتوها بقانون مؤقت يضم معها مديرية الخدمات الطبية الملكية وكلية الطب في الجامعة الأردنية ونقابة الاطباء من اجل تنظيم ممارسة المهنة الطبية بدءاً بعقد امتحان شامل لكل طبيب متخرج من أي جامعة في العالم وسمي بالفحص الاجمالي، وذلك بعدما تعثرت أو فشلت جهود مخلصة عديدة كانت نقابة الاطباء قد بذلتها في هذا الشأن على مدى السنوات العشر السابقة..

لكن بعد شهور قليلة من تطبيق القانون احتج بعض حملة شهادات الاختصاص من الخارج بانهم لا يقبلون الجلوس للامتحان كالاطباء العامين (كذا) وبدلا من ان تصر وزارة الصحة على تطبيق القانون عليهم تسرّعت استجابةً لضغوطهم وضغوط قوى متنفذة وراءهم وأجرت التعديل الاول الذي نص على استثناء الاختصاصيين من الفحص الاجمالي وقصره على الاطباء العامين مما احدث إرباكاً كبيراً إذ قام كثير ممن كانوا قد فشلوا في الامتحان أو خافوا دخوله باستغلال هذا الاستثناء والتوجه الى دول مختلفة استطاع عدد منهم الحصول على شهادات اختصاص منها في مدد قصيرة من الواضح انها كانت غير مستوفية لابسط المواصفات حتى لا أقول هابطة او مزورة !

 
وحصلوا بها قانونياً على ألقاب الاختصاص من المجلس الطبي الاردني ، ولما اكتشف المسؤولون ذلك قاموا على عجل مرة اخرى بارتجال حل غير مدروس للمشكلة بتعديل القانون باضافة إخضاع جميع حملة شهادات الاختصاص من الخارج لامتحان الاختصاص في الاردن وبلغ عدد انواعه آنذاك اكثر من ثلاثين اختصاصاً فوقعوا بذلك في خطأ آخر اكبر واكثر تعقيداً لانهم لم يتفحصوا قدرتهم الحقيقية على تطبيقه ولم يعوا صعوبة تنفيذه عمليا وعلمياً من قبل من لم يدرّسوا هؤلاء الاختصاصيين ولم يكونوا كلهم بالضرورة اساتذة في كلية الطب واكثرهم لا دراية لهم ولا خبرة في اجراء امتحانات بهذه المستويات المتقدمة لزملائهم القادمين من الخارج وقد يكونون أعلى منهم تخصصاً وكفاءة !
 
وكانت النتيجة تذمراً واسعاً (وتطفيشاً) لعدد كبير من المع اطبائنا العائدين الى وطنهم محمّلين بشهادات من مراكز عالمية مرموقة ما حدا بي وبآخرين كثُر من الحريصين على مصلحة الوطن والمهنة أن ينبهوا لهذه الاخطاء في القانون وقمنا بحملات من الاعتراض والاحتجاج بالمذكرات والبرقيات وبالكتابة في الصحف مطالبين بتصويب الاخطاء في قانون المجلس وقد استمرت تلك الحملات ثلاث سنوات كاملة ولم تتوقف عندما اتيحت لي بعدها فرصة حمل حقيبة وزارة الصحة واصبحت بحكم ذلك رئيساً للمجلس الطبي بل واصلت معهم الجهود اللازمة في البرلمان بدعم قوي وتفهم كامل من رئيس الوزراء السيد زيد الرفاعي وخضنا معركة ديمقراطية صعبة نجحنا بها في تعديل وتصويب بعض مواده وفشلنا في اخرى في مواجهة (لوبيات) طبية وسياسية لا تخطر على البال ولا يسمح بها المجال.
 
لقد مضت بعد ذلك ثلاثة عقود لم اتوقف خلالها عن متابعة المجلس الطبي والدفاع عن المتضررين من قانونه المشوب بالعيوب التي أدت الى مظالم عانى منها آلاف من اطبائنا المتخرجين من جامعات غير اردنية فكنت اتجاوب معها وانتصر للعديد منها ولعل اكبرها حجماً واشدها مرارة تلك الشكوى التي قدمها قبل بضع سنوات اكثر من خمسمائة طبيب اردني يعملون كاختصاصيين في مستشفيات وجامعات كبيرة في الولايات المتحدة الاميركية نفسها ولم يتقاعسوا يوما عن الرغبة في خدمة وطنهم الاردن حتى اضطروا لرفع ظلامتهم لجلالة الملك في احدى زياراته لاميركا وقد بعثوا لي بذلك فتبنيت موقفهم في حدود مقالاتي الصحفية لكن ها قد مضت سنوات عديدة أخرى ولم يستجب احد.. كما بقيتُ طوال تلك العقود أرقب بعين الأسى والاسف تخلّي المجلس عن إحدى مهامه الاساسية وهي التعليم الطبي المستمر ربما بسبب انصرافه للامتحانات وجُلُّها في نظري غير ضروري.
 
وبعد.. لماذا أطرح قضية المجلس الطبي الآن ؟ لقد سمعت في الاسبوع الماضي على لسان أمينه العام الدكتور نضال يونس عن شيء اسمه ( الاكاديمية الطبية) التي سوف يقوم المجلس بانشائها فقلت لنفسي هذه فرصة للتعرف على المجلس بعد طول غياب وربما الاسهام من جديد في التعاون لتمكينه من القيام بوظائفه الهامة العديدة ، ومن اجل ذلك قمت بزيارته لأول مرة منذ ثلاثين عاماً وسعدت كثيرا بهذه الزيارة.. فالى مقال قادم.