Saturday 27th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Aug-2017

هنا الأردن... أدخلوه بسلام آمنين - رومان حداد
 
الراي - لم يدهشني الخبر الذي يعلن أن الأردن يحتل المركز التاسع عالمياً من بين 135 دولة كأكثر الدول أمناً، رغم صدوره من مؤسسة دراسات موثوقة ومحترمة وهي مؤسسة غالوب، فما أعلنته هذه المؤسسة هو مجرد تأكيد لحقيقة يشعر بها الأردنيون ومن يزورون الأردن، ولكن ما كان ملفتاً لي ومفرحاً في ذات الوقت أن مؤسساتنا الأمنية المختلفة حققت هذه الحالة من دون أن نشعر نحن كمواطنين أو يشعر الزائر للأردن بثقل اليد الأمنية، ودون أن نشاهد ملامح أمنية مبالغ بها.
 
كما أن هذه الحالة تحققت في ظل منطقة تشتعل من حولنا، وبكل هدوء ومن دون بطولات وهمية استطاع الأردن أن يخلق جدراناً عازلة عن الأزمات الأمنية التي تحيطنا من كل صوب، فالجندي الذي يقف على واجهتنا الشمالية يحمينا من تلك النار المستعرة لا يعود ليمارس حياته بغرور وعنجهية، بل هو مواطن عاهد ربه ومليكه على حماية تراب وطنه وناسه كواجب عليه، فنراه يقوم بواجبه بتواضع.
 
ورجل الأمن الذي يجوب الشوارع والأحياء صيفا شتاء ليضمن الأمان لنا لا يستعرض ولا يمارس دوره باستعلاء، بل بتواضع من يضع روحه فداء لوطنه.
 
ولا يمكن أن ننكر الدور الكبير الذي تقوم به كوادر المخابرات العامة من حيث قدرتهم الاستخباراتية والعملياتية التي تحمي الأردن من العديد من العمليات التي تستهدف الأردنيين بأمنهم وأرواحهم وأموالهم دون أن يظهروا للعلن، ودون استعراضات محفوفة بالتكبر.
 
هذا التناغم بين هذه المؤسسات وقدرتها على أداء واجبها بصمت وكفاءة عالية يجعلنا نعيد قراءة الأردن وشروط نهضته بصورة مختلفة، فهذه المؤسسات تعد مؤسسات محافظة وليست من المؤسسات التي أصابها فايروس الليبرالية، ورغم هجوم جيوش الليبراليين على هذه المؤسسات فإنها ظلت حصناً منيعاً على الاختراق، قادرة على القيام بمهامها بكفاءة عالية، وأفرادها بغالبيتهم العظمى هم أبناء القرى والبوادي والطبقة الوسطى، وممن لم يسعفهم حظهم على التعلم بلغات شتى ولم يتخرجوا من جامعات عالمية، ولكنهم يحفظون الأردن بقلوبهم (عن غيب)، ويجسون نبضه كل لحظة.
 
يفكر كثيرون كيف يمكن لنا الاستفادة من الاعتراف الدولي بحالة الأمن العالية في الأردن اقتصادياً، وهذا التفكير على أهميته إلا أنه تفكير سطحي، حيث يجب السؤال كيف يمكن لنا الاستفادة من النموذج الأمني المتفوق ونقله إلى مختلف مفاصل الدولة، ليكون أداء أجهزة الدولة المدنية على ذات السوية والكفاءة التي تتمتع بها أجهزتنا الأمنية وجيشنا العربي.
 
فما دام لدينا نموذج أردني بالكفاءة والإنجاز لماذا ننظر بانبهار للخارج لاستيراد منظومات مختلفة لإدارة الدولة على المستوى المدني، لما يتم نقل الخبرات والآليات من مستواها الأمني إلى المستوى المدني فيكون أداء الحكومة والأجهزة الرسمية الأخرى بذات الكفاءة، لماذا لا نستفيد من تجربتنا الأنية في بناء المؤسسات وننقلها إلى القطاعات المدنية؟
 
أدرك وبكل وضوح الفارق بين الأمن والعسكري من جهة والمدني من جهة أخرى، ولكن ذلك لا يمنعنا أن نأخذ ما يتوافق مع الجاب المدني لتطوير الأداء، وخلق انطباعات حقيقية بالإنجاز على المستوى الرسمي المدني، وليكن الشعار هو أنه لا يمكنك أن تكون قائداً ما لم تخدم وطنك، فقيادة كل واحد منا تقاس بمقياس خدمته لوطنه.
 
وفي الأردن استمرت مؤسسة الجيش والمؤسسات الأمنية في وجدان الأردنيين كمؤسسات وطنية حامية للوطن والعرش، بل كانت رافعة من روافع النهضة الاجتماعية في جميع أنحاء الأردن، ومؤسسات يفخر كل الأردنيين بها ويعتبرونها رمزاً من رموز الدولة الأردنية الحديثة بما تتمتع به من حرفية وانضباط وإيمان راسخ وعقيدة ثابتة.
 
أذكر ما قاله ذات ظهر عماني وطني شاعر حمل هدوء الشمال وصخبه الشاعر سليمان عويس «حبيب الجيش... لبسني شعار الجيش ولو مرة... وخذ عمري».
 
وستبقى ظاهرة أردنية مفهومة للجميع حين نردد بفرح وفخر في أعراسنا: والجيش يا حيا الله، يحمي الوطن والعلم وعيون عبدالله.