Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-May-2023

قراءة في كتاب «للأشياء أسماء أخرى» لروند كفارنة

 الدستور-علي القيسي

صدرت هذه المجموعة بدعم من وزارة الثقافة عام 2021 وقد تضمنت عددا من القصص القصيرة، ست وأربعين قصة تتحدث القصص عن المعاناة بشكل عام، وخاصة معاناة المرأة وأيضا معاناة المجتمع ككل، وهنا لابد لي من القراءة الاستنباطية والدلالية والتأويلية لظلال هذه المجموعة.
فالقصص ليست دائما تعبر عن الأحداث بشكل مباشر، وكما هي بالحرفية والعبارة، هناك صدى لكل شيء، وارتداد ومد وجزر، وثمة زوايا ترى منها ما يعحبك، وزوايا لا تراها، ثمة تحليل لأشياء متوهجة، وهناك لا يوجد تحليل لأشياء غامضة ولكنها مهمة في التفسير والتحليل، وتعكس روح الكاتب ومدى جديته في ترجمة معاناة البشر، وخاصة معاناته هو الخاصة.
معاناة الشخص الكاتب القاص الراوي هي المعاناة والتجربة الحقيقية لنجاح القصة أو الرواية، ينبغي أن يكون داخل هذا الأتون، هو صحيح معظم كتاب القصة يكتبون بحيادية وبناء على الخيال وتجربة الآخرين.
وهذا ما يحدث في عالم القصص والروايات، وهو تبني الشخوص والسيطرة عليهم ووضعهم تحت الطلب، وخلق الأحداث لهم لكي يقوموا بأدوارهم، ويتقنوا حواراتهم،، وكأنهم فعليا يتحركون على أرض الواقع ومسرح الحياة.
وكذلك القصص فهي أنواع وأشكال، منها التقليدي القديم، ومنها الجديد القصة الشاعرية التي تختلف عن عناصر القصة العادية، تتزاحم فيها الكلمات الأنيقة الشاعرية، وهناك القصة القصيرة جدا، وهذا الجنس ما يزال يراوح في مكانه، لم ينتشر كما كان متوقعا له، وتعتمد على التكثيف والمفارقة.
أما قصص روند كفارنة، والتي نحن بصددها فهي قصص اجتماعية تحمل بصمات خاصة بها، تنوعت في العناوين التي تخص كل قصة، ولكن المضمون والمحتوى واحد، وأنت تقرأ كل قصة، تشعر أنك عشتها أو حدثت مع أقاربك أو جيرانك أو سمعت بها من قبل، قصص محلية تعكس حالة الناس في القرية والمدينة، وقد لفت اهتمامي أكثر أن القصص تفوح منها رائحة القرى والناس البسطاء فالبيئة حاضرة تماما في سطور وصفحات المجموعة، والقضايا تتحدث عن مجتمع متماسك نوعا ما، ولكن هذا المجتمع، قد تأثر من مجتمعات أخرى بسبب سرعة انتقال وسائل التواصل الاجتماعي وتطور الحياة العصرية،
فثمة بعض القصص تتحدث عن الكورونا وهذا المرض الفيروسي الخطير ترك بصمات عميقة في المجتمع الأردني خاصة، ولايزال الناس متأثرون من تداعياته على الصحة والاقتصاد.
وقد أحسنت القاصة روند من خلال قصصها بإدخال هذه المرحلة التي مر بها العالم وهي مرحلة أو زمن الكورونا في تحميل بعض قصصها في معاناة الكثير من الناس عبر تقنية الأحوال التي مر بها بعض المرضى وادخلوا المشافي ومنهم من غادر الحياة.
ويلاحظ أن القصص تخلو من الغموض والرمزية سوى في قصة واحدة أو أكثر فهناك محاولة في نهاية القصة لتأويلها إلى سياسية وهي قصة القط الذي طار.
فالكاتبة روند تمتلك أدوات القص بمهارة وتسيطر على الأفكار بالتسلسل والتتابع، ولا تترك فراغا يحول بضياع النص أو التوهان، فالقصة التي تكتبها القاصة، تعيد قراءتها أكثر من مرة، وتقوم بالتدقيق في تصويب المفردات المناسبة للغة القصة.
فالفعل القصصي ليس سهلا على المرء، إلا إذا كان لا يريده أن يكون عملا قصصيا ناجحا، يعني خاطرة أو نصا نثريا.
من هنا وجدت أن قصص هذه المجموعة تعالج مشاكل وقضايا كثيرة يعج بها المجتمع، وهناك قصص تحمل في طياتها ومضامينها الوجع النفسي أكثر من الوجع الجسدي والظاهري، فالوجع والألم المعنوي والنفسي أصعب بكثير من الم الجسد في كثير من الأحيان.
فدور المرأة في هذه المجموعة، محوري، ويأخذ نصيب الأسد أو أكثر، فيها في كل القصص، فلا تخلو قصة من وجودها إن كانت ظالمة أو مظلومة، لكن الظلم الواقع على المرأة هو الأرجح، وهناك قصص تترجم كفاح المرأة في الحياة، إن كانت زوجة أو أم أو فتاة أو أخت، أو صديقة، فكلها تدور حول الحب والكراهية والحقد والحسد والغدر والخيانة، وثمة قصص تحمل رسائل مشفرة ورسائل واضحة مباشرة،، فمن خلال اللغة السهلة التي استعملتها القاصة شكلت معان مفهومة للمتلقي، ولكن هناك في بعض القصص غموض مقصود في النهايات باترك القارئ في حيرة من أمره وهذه تقنية قصصية معروفة.
وفي الختام هذه المجموعة القصصية تمثل الواقعية والإنسانية في عفويتها، فلا يوجد مبالغة أو شطط، أو فانتازيا خيالية أو غير عقلانية أرجو للقاصة روند كل التوفيق والنجاح في إصدارات قادمة بإذن الله.